و هي كثيرة و
حصرها الغزالي في إحياء العلوم في سبعة: العداوة، و التعزّز و التكبّر، و التعجّب،
و الخوف من فوت المقاصد المحبوبة، و حبّ الرياسة، و خبث النّفس.
أمّا العداوة
و هى أشدّ الأسباب و معناها أن تكره النّعمة على غيرك لكونه عدوّا لك و كونك مبغضا
له فانّ البغض إذا رسخ في النّفس يقتضي التشفّي و الانتقام و ربما يعجز المبغض عن
أن يتشفى بنفسه فيتمنّى زوال النعمة من المبغوض و يكون زوالها منه موجبا لفرحه كما
أنّه يفرح إذا ابتلى ببليّة أو أصابته مصيبة و يكون ذلك تشفّيا لخاطره، و قد وصف
اللّه سبحانه الكفار بهذه الصّفة في قوله:
وَدُّوا ما
عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَ ما تُخْفِي صُدُورُهُمْ
أَكْبَرُ و قوله: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ
تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها.
و هذا القسم
من الحسد ربما يفضى إلى القتال و الجدال و استغراق العمر في إزالة النعمة بالحيل و
السّعاية و طلب أسباب زوالها على كلّ حال.
و أمّا
التعزّز فهو أن يثقل عليه ترفّع غيره عليه فاذا أصاب بعض نظرائه و أمثاله ولاية أو
علما أو مالا خاف من تكبّره عليه و هو يشقّ عليه ذلك و لا يسمح نفسه تحمّل ذلك فلا
يرضى بكونه منعما عليه بتلك النّعمة حذرا من ذلك، و محصّله الخوف من تفاخر الغير
عليه لا حبّ تفاخره على الغير و ربما يرضى بمساواته له.
و أمّا
التّكبّر فهو أن يكون في طبعه أن يتكبّر على الغير و يترفّع عليه و يكون الغير
منقادا له مطيعا لأمره و نهيه صاغرا عنده، فاذا نال نعمة خاف من عدم إطاعته و
انقياده له و عدم إمكان ترفّعه عليه كما كان أو ترقّيه إلى مقام يترفّع هو عليه
فيكون مطيعا بعد ما كان مطاعا، و متكبّرا عليه بعد ما كان متكبّرا،