و قد عرّف
بأنه انبعاث القوّة الشهوية إلى تمنّي مال الغير و حاله التي هو عليها و زوالها عن
ذلك الغير، و هو مستلزم لحركة القوّة الغضبيّة و عرّفه الغزالي في احياء العلوم
بأنّه كراهة النّعمة و حبّ زوالها من المنعم عليه، و يقابله الغبطة و هو أن لا
تحبّ زوال النعمة و لا تكره وجودها و دوامها و لكن تشتهى لنفسك مثلها، و الثاني
أعمّ من الأول لشموله ما لو أحبّ زوال النّعمة عن المنعم عليه و إن كان لا
يتمنّاها لنفسه، و هو ناش عن غاية خبث الطّينة و سوء السّريرة و أشدّ مما لو أحبّ
زوالها عنه و انتقالها إليه فالحدّ الثّاني أولى
الثاني في
الآيات و الأخبار الواردة فيه
فأقول قال
سبحانه: وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ.
فقد أمر
نبيّه 6 بالاستعاذة من شرّ الحاسد بعد أن أمره بالاستعاذة من
شرّ السّاحر فأنزله منزلته، و قال في معرض التوبيخ:
أَمْ
يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ و قال: إِنْ
تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها.
فانّ مسائتهم
من إصابة الحسنة و فرحهم باصابة السّيّئة دليل على حسدهم و قال:
و في الكافي
عن داود الرّقي قال: سمعت أبا عبد اللّه 7 يقول: اتّقوا اللّه و لا
يحسد بعضكم بعضا إنّ عيسى بن مريم 7 كان من شرايعه السيح في البلاد
فخرج في بعض سيحه و معه رجل من أصحابه قصير و كان كثير اللّزوم لعيسى 7
فلما انتهى عيسى إلى البحر قال: بسم اللّه، بصحّة يقين منه فمشى على ظهر الماء،
فقال الرّجل القصير حين نظر إلى عيسى 7 جازه: بسم اللّه بصحّة يقين
منه