فنادى عند غروب الشّمس: يا أهل الشّام
إنّ أمير المؤمنين عليا و أصحاب رسول اللّه يقولون لكم: إنّا و اللّه لم نكفّ عنكم
شكافي أمركم و لا إبقاء عليكم و إنّما كففنا عنكم لخروج المحرّم، و قد انسلخ، و
إنا قد نبذنا إليكم على سواء فانّ اللّه لا يحبّ كيد الخائنين، قال فسار النّاس
إلى رؤسائهم و امرائهم.
قال نصر: و
أمّا رواية عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي الزّبير أنّ نداء ابن مرثد الخثعمي كانت
صورته: يا أهل الشّام ألا إنّ أمير المؤمنين يقول لكم. إنّي قد استأنيت لكم
لتراجعوا إلى الحقّ و تنيبوا إليه احتججت عليكم بكتاب اللّه و دعوتكم إليه، فلم
تتناهوا عن طغيان، و لم تجيبوا إلى حقّ، فانّي قد نبذت إليكم على سواء إنّ اللّه
لا يحبّ الخائنين قال: فسار النّاس إلى رؤسائهم و خرج معاوية و عمرو بن العاص
يكتبان الكتائب و يعبآن العسكر، و أوقدوا النّيران و جاءوا بالشّموع و بات عليّ
ليلته تلك كلّها يعبي النّاس و يكتب الكتائب و يدور في النّاس و يحرّضهم قال نصر:
فخرجوا أوّل يوم من صفر سنة سبع و ثلاثين و هو يوم الأربعاء فاقتتلوا، و على من
خرج يومئذ من أهل الكوفة الاشتر، و على أهل الشام حبيب بن مسلمة فاقتتلوا قتالا شديدا
جلّ النهار، ثمّ تراجعوا و قد انتصف بعضهم من بعض ثمّ خرج في اليوم الثاني هاشم بن
عتبة في خيل و رجال حسن عددها و عدتها، فخرج إليه من أهل الشام أبو الأعور السلمي،
فاقتتلوا يومهم ذلك، تحمل الخيل على الخيل و الرجال على الرجال ثمّ انصرفوا و قد
صبر القوم بعضهم لبعض و خرج في اليوم الثّالث عمّار بن ياسر و خرج إليه عمرو بن
العاص فاقتتل النّاس كأشدّ قتال كان، و جعل عمّار يقول: يا أهل الاسلام أ تريدون
أن تنظروا إلى من عاد اللّه و رسوله و جاهدهما و بغى على المسلمين و ظاهر المشركين
فلمّا أراد اللّه أن يظهر دينه و ينصر رسوله أتى إلى النّبي فأسلم و هو و اللّه
فيما يرى ذاهب غير راغب، ثم قبض اللّه رسوله، و إنا و اللّه لنعرفه بعداوة المسلم
و مودّة المجرم، ألا و إنّه معاوية فقاتلوه و العنوه، فانّه ممن يطفى نور اللّه و
يظاهر أعداء اللّه