(قد امهلوا في طلب المخرج) يعنى أنّ اللّه سبحانه أمهلهم في دار الدّنيا لطلب نجاتهم و خلاصهم
من الظلمات إلى النور و خروجهم من الضلالة إلى السداد و من الغواية إلى الرشاد (و هدوا سبيل المنهج) أى هداهم اللّه تعالى بما
جعل لهم من العقول و بعث إليهم من الأنبياء و الرّسل إلى المنهج القويم و الصّراط
المستقيم الموصل لسالكه إلى حظيرة القدس و جنّة الفردوس.
تشبيه (و عمروا
مهل المستعتب) يعني أعطاهم اللّه العمر و أمهلهم في الدّنيا مثل مهل من يطلب رضائه
و اعتابه أى إزالة اللّوم و الشكوى عنه و لما كان من يطلب إزالة اللّوم عنه و يقصد
رجوعه عن غيّه بمهل طويلا و يداري شبّه 7 مهلة اللّه لخلقه مدّة
أعمارهم ليرجعوا إلى طاعته و يعملوا صالحا بذلك فافهم جيّدا.
(و كشفت
عنهم سدف الرّيب) أى ازيلت عنهم ظلمات الشّكوكات و الشّبهات بما منحهم اللّه من
العقول مؤيدا بالرّسل تشبيه (و خلّوا لمضمار الجياد) أى خلاهم
اللّه و تركهم في الدّنيا ليضمروا أنفسهم و يستعدّوا السّباق في الآخرة كما يترك
الجياد من الخيل في المضمار و تضمر ليحصل لها الاستعداد للمسابقة و يحاز بها قصب
السّبق و يؤخذ بها السّبق.
و في الاتيان
بلفظة الجياد تنبيه على أن يكونوا من جياد مضمارهم و قد مرّ توضيح تشبيه الدّنيا
بالمضمار في شرح الخطبة السابعة و العشرين فليراجع (و) كذلك خلّوا
ل
(روية الارتياد و أناة المقتبس المرتاد) أى للتّفكر في طلب الحق و ليتأنوا
أناة المتعلّم للعلوم الحقّة المحتاج في تعلّمه إلى التأنّي و المهلة الطالب
للأنوار الالهيّة ليهتدى بها في ظلمات الجهل و الغفلة (في مدّة الأجل) الذي عيّنه
سبحانه لهم (و مضطرب المهل) الذي قدّر في حقّهم.
ثمّ نبّه
7 على كمال كلامه و فضل موعظته و عرّض على عدم القلوب الحاملة لها
بقوله (فيا لها أمثالا صائبة و مواعظ شافية) أى أمثالا مطابقة
لممثلاتها متّصفة بالصّواب خالية عن الخطاء و مواعظ شافية لأمراض الجهل مبرئة عن
آلام الهوى (لو صادفت) تلك الأمثال و المواعظ (قلوبا) طاهرة (زاكية و
أسماعا) حافظة