فاتّقوا اللّه لأنّ التّقوى ملازمة لقصد
المكلّف العبادة فدلّت عليه و استغنى بها عن إظهاره.
قيل و يجوز
انتصابها على الظرفية أى اجعلوا تقواكم فى تلك الجهة أى نظرا إلى تلك الجهة لا
للرّياء و السمعة، و الحذر بالجرّ عطف على التّنجّز.
المعنى
اعلم أنّ هذا
الفصل مسوق لشرح حال النّاس و الكشف عن أوصافهم و التّنبيه على ما خلقوا لأجله و
ما يصير أمرهم إليه و استدرج ذلك بمواعظ شافية و نصايح وافية، و المقصود بذلك كلّه
تنبّههم عن نوم الغفلة و الجهالة و افاقتهم من سكر الحيرة و الضّلالة.
فقوله (عباد
مخلوقون اقتدارا) يعني أنّ النّاس الذين شرحنا حالهم و ذكرنا كيفيّة حشرهم و معادهم
هم عباد خلقهم اللّه سبحانه من قدرته التّامّة الكاملة و حكمته الجامعة البالغة و
ليس خلقهم لذواتهم و من اتّصف بذلك لا يجوز له العصيان لخالقه و بارئه.
(و مربوبون
اقتسارا) أى مملوكون من قهر و غلبة و ربّاهم اللّه سبحانه من صغرهم إلى كبرهم
لا عن اختيار منهم حتّى يكون لهم الخيرة في معصية ربّهم و مالكهم (و
مقبوضون احتضارا) أى مقبوضون بالموت محتضرين إلى حضرة ذي العزّة فيجازيهم بالحسنة و
السّيئة (و مضمّنون أجداثا) أى في قبور هي دار الوحدة و الوحشة (و كائنون
رفاتا) و عظاما فتاتا أى أجزاء شتاتا (و مبعوثون
افرادا) أى وحدانا لا مال لهم و لا ولد كما فسّر بذلك قوله تعالى: