أعينكم كأنّكم من الموت في غمرة، و من
الذّهول في سكرة، يرتج عليكم حواري فتعمهون، فكأنّ قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون،
ما أنتم لي بثقة سجيس اللّيالي و ما أنتم بركن يمال بكم، و لا زوافر عزّ يفتقر
إليكم، ما أنتم إلّا كابل ضلّ رعاتها فكلّما جمعت من جانب انتشرت من آخر، لبئس
لعمر اللّه سعر نار الحرب أنتم تكادون و لا تكيدون، و تنتقص أطرافكم فلا تمتعضون،
لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون، غلب و اللّه المتخاذلون. و أيم اللّه إنّي
لأظنّ بكم أن لو حمس الوغا و استحرّ الموت قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج
الرّأس، و اللّه إنّ امرء يمكّن عدوّه من نفسه يعرق لحمه و يهشم عظمه و يفري جلده،
لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره، أنت فكن ذاك إن شئت، فأمّا أنا فو
اللّه دون أن أعطى ذلك ضرب بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام، و تطيح السّواعد و
الأقدام، و يفعل اللّه بعد ذلك ما يشاء. أيّها النّاس إنّ لي عليكم حقّا، و لكم
عليّ حقّ، فأمّا حقّكم عليّ فالنّصيحة لكم، و توفير فيئكم عليكم، و تعليمكم، كيلا
تجهلوا، و تأديبكم كيما تعلموا، و أمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة و النّصيحة