ثمّ أمر بالتّوبة قبل الموت و إدراك
الفوت بقوله: (أفلا تائب من خطيئته قبل منيّته) إذ بالتّوبة يتخلى النّفس عن الرذائل و تستعدّ للتّحلية بالفضايل،
فلا تنتظروا بالتّوبة غدا فانّ دون غديو ما و ليلة قضاء اللّه فيها يغدو و يروح.
(ألا عامل
لنفسه قبل يوم بؤسه) عملا ينجيه من البأس و العذاب و يفضيه إلى الرّاحة و حسن
الثّواب، و هو الاتيان بالطاعات و الانتهاء عن المنهيّات.
(ألا و
إنكم في أيّام أمل من ورائه أجل فمن عمل) لنفسه (في ايّام أمله
قبل حضور أجله فقد نفعه عمله) الذي اكتسبه (و لم يضرّه أجله) الذي حلّ
به، و يكون حاله بعد موته حال الغايب الذي قدم على وطنه و أهله (و من قصر
في أيام أمله قبل حضور أجله) و فرط في طاعة ربه و التّزود لآخرته (فقد خسر
عمله) الذي عمله (و ضرّه أجله) الذي حلّه و يكون
حاله بعد موته حال الآبق الذي قدم به على مولاه.
و قريب من
هذا المضمون كلامه 7 المرويّ في البحار عن كتاب اعلام الدّين قال:
النّاس في الدّنيا عامل في الدّنيا للدّنيا قد شغلته دنياه عن آخرته، يخشى على من
يخلفه الفقر و يأمنه على نفسه، فيفنى عمره في منفعة غيره، و آخر عمل في الدّنيا
لما بعدها، فجائه له من الدّنيا بغير عمله فأصبح ملكا لا يسال اللّه شيئا فيمنعه.
(ألا
فاعملوا في الرّغبة كما تعملون في الرّهبة) و هو تنبيه على وجوب التّسوية في
العمل بين حال الأمن و الخوف و حالة الرّخاء و الشدّة، و لا يكون ذلك إلّا عن نيّة
صادقة و عبودّية خالصة و فيه إشعار بالتّوبة على الغفلة عن ذكر اللّه و الاعراض عن
عبادته في حال اللذات الحاضرة و الخيرات الواصله و اللجأ إليه و الفزع