و مقصوده من ذلك كلّه أن يفتتن به النّاس
و يرغب إليه قلوبهم و يعظم قدره عندهم و يروه أهلا
(للأمانة) و يسكنوا إليه في أماناتهم و يثقوا به في
اموراتهم، فويل لهذا الرّجل تحبّب إلى العباد بالتّبغض إلى اللّه و تزيّن لهم
بالشّين عند اللّه و تحمّد إليهم بالتذمّم عند اللّه
(و اتّخذ ستر اللّه) الذي حمى به أهل التّقوى أن يردوا موارد
الهلكة (ذريعة إلى المعصية) و
وسيلة إلى ما اتيه من الدّنيا الفانية.
قال في
البحار: قال الكيدرى: في كتاب المضاف و المنسوب ستر اللّه الاسلام و الشيب و
الكعبة و ضماير صدور الناس يعنى جعل ظاهر الاسلام و ما يجنّه صدره بحيث لا يطلع
عليه مخلوق وسيلة و طريقا إلى معصية اللّه.
و أقول:
يحتمل أن يكون المراد أنّه اتخذ ستر اللّه على عيوبه حيث لم يفضحه و لم يطلع الناس
على بواطنه ذريعة إلى أن يخدع النّاس.
(و) الرّابع (منهم) العاجز
المحتال الذي رغبته في الملك و المال و هو (من أقعده) في بيته (عن طلب
الملك ضئولة نفسه) و حقارتها (و انقطاع سببه) من عدم البضاعة و نحوها من الاسباب
المحصلة لمطلوبه، (ف) لأجل ذلك (قصرته الحال على حاله) اى وقفت به
حال القدر على حاله التي لم يبلغ معها ما أراد و قصرته عليها، (ف) لذلك عدل
إلى الحيلة الجاذبة لرغبات الخلق إليه (قتحلّى باسم القناعة و تزيّن بلباس
أهل الزّهادة) و قام بالطاعات و واظب على العبادات (و) الحال انّه (ليس من
ذلك) اى من القناعة و الزهد (في مراح و لا مغدى).
يعنى إنّه
ليس منهما في شيء و إنّما اتّصافه بهما ظاهريّ و صوريّ لا حقيقيّ و واقعيّ، و
يحتمل أن يكون الاشارة بذلك إلى أهل الزّهادة و يكون المعنى أنّه ليس يومه كيومهم
في الصّوم و غيره، و لا ليله كليلهم في العبادات هذا.
و لما فرغ من
أصناف أهل الدّنيا الأربعة و أوصافها أشار إلى أهل الآخرة المقابل لهم بقوله: (و بقى
رجال) و ميّزهم بأوصاف مخصوصة بهم متميّزين بها عن غيرهم و هى انّه (قد غض
أبصارهم ذكر المرجع) عن النظر إلى محارم اللّه أو عن الالتفات إلى مطلق ما سوى
اللّه.
و ذلك لانّ
القلب إذا كان مشغولا بذكر اللّه مستغرقا في شهود جمال الحقّ