مجاز (توسع)
نسبة [العنود و الكنود] إلى الدّهر من باب التّوسع، و اضافة النّضيض إلى الموفر من
باب اضافة الصّفة إلى الموصوف، و الباء في بسيفه و بشره و بخيله زايدة، و لبئس
المتجر بئس فعل ذمّ و المتجر فاعله، و ان ترى الدّنيا مؤل بالمصدر مخصوص بالذمّ و
هو في محلّ الرّفع على كونه مبتداء و بئس فاعله خبر اله أو على أنه خبر حذف
مبتدؤه، و قوله بعمل الدنيا الباء للآلة، و من في قوله من شخصه للزّيادة كالثلاث
بعدها، لأنّ الافعال الأربعة متعدّية بنفسها.
المعنى
اعلم أنّ
الزّمان لما كان من الاسباب المعدّة لحصول ما يحصل في عالم الكون و الفساد من
الشّرور و الخيرات صحّ بذلك توصيف بعض الازمنة بالخير فيقال: زمان خير و زمان عدل
لكثرة ما يكون فيه بشهادة الاستقراء من الخير و انتظام حال الخلق و مواظبتهم على
القوانين الشّرعية و السّنن النبوية، و توصيف بعضها بالشرّ فيقال زمان جائر و زمان
صعب شديد لكثرة ما يقع فيه من الشرور و المفاسد و عدم انتظام أمر الخلق فيه من حيث
المعاش أو المعاد، إذا عرفت ذلك فأقول: قوله 7: (أيّها النّاس انا
قد أصبحنا في دهر عنود و زمن شديد) ذمّ لزمانه 7 بالجور و العدوان و
الشّدة و الكفران من حيث غلبة الضّلال و دولة الجهّال و اضمحلال الحق و استيلاء
الباطل و رجوع أغلب النّاس بعد رسول اللّه 6 إلى
أعقابهم القهقرى و ارتدادهم عن الامام الحق و اقتدائهم بالامام الباطل، و عدم
تمكنه 7 من اقامة المعروف و إزاحة المنكر و من ذلك نشأ الشّرور و المفاسد
التي عدوها و هي امور.
الاول انّه (يعدّ فيه
المحسن مسيئا) و ذلك لغلبة الاساءة من حيث كثرة المسيئين و قلّة الاحسان لقلّة
المحسنين، فيعدّ المسيء إحسان المحسن إساءة كما أنّه يعدّ إساءة نفسه إحسانا،
لكون السّنة في نظره بدعة و البدعة سنّة، أو أنّه يحمل احسان المحسن على الاسائة
كحمله عبادته على الرّياء و السّمعة، و انفاقه