صلى اللّه عليه و آله الذينهم مرابيع
النعم، و مصابيح الظلم لا تفتح الخيرات الّا بمفاتحهم، و لا تكشف الظلمات الّا
بمصابيحهم، قوّام اللّه على خلقه و عرفاؤه على عباده، لا يدخل الجنّة إلّا من
عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النّار إلّا من أنكرهم و أنكروه.
فمن لم يكن يعرف امام زمانه
و مات فقد لاقى المنيّة بالجهل
لا سيّما من
أخذ بضبعيه في الغدير و قد شهد هذا المشهد الجمّ الغفير فأقامه للنّاس علما و
اماما، و للدّين قيما و قواما، و نادى بصوت جهورى يقرع الاسماع، و يملاء القلوب و الصّماخ،
من كنت مولاه فعليّ مولاه، فسلّم قوم ففازوا، و تولّى آخرون و غاظوا فخاضوا، ثمّ
فتح أبواب العلم، و أورثه جوامع الكلم، و علمه تبليغ الرّسالات، و تأويل الآيات، و
تمام الكلمات، فاجتهد سلام اللّه عليه و آله في تاسيس قواعد الكلم، و تشييد ضوابط
الحكم، و هدانا إلى نهج البلاغة ببديع بيانه، و سلك بنا منهاج البراعة بعذب لسانه،
و أرشدنا إلى شرايع الدّين بأنواره، و أوضح لنا سبل اليقين بآثاره:
عليم بما قد كان أو هو كائن
و ما هو دقّ في الشرائع أو جل
مسمّى مجلا في الصّحايف كلّها
فسل أهلها و اسمع تلاوة من يتلو
و لو لا قضاياه التي شاع ذكرها
لعطّلت الأحكام و الفرض و النّفل
و بعد فهذا
هو المجلّد الثّاني من مجلّدات منهاج البراعة إملاء راجى عفو ربّه الغنى حبيب
اللّه بن محمد بن هاشم العلوى الموسوى غفر اللّه له و لوالديه، و احسن إليهما و
إليه، فانّه تعالى ولىّ الاحسان، و الغفور المنان، فأقول و به التّكلان: