النّصح أن يقدّم توبته على أجله و لا
ينخدع بطول أمله و يستغفر ربّه فيما فات و يقصر عن شهوته فيما هو آت (فانّ أجله مستور عنه، و أمله خادع له، و الشّيطان موكل به يزين
له المعصية ليركبها، و يمنّيه التّوبة ليسوفها، حتّى تهجم منيته عليه أغفل ما يكون
عليها) و هذه كلّها علل لوجوب تقديم التوبة و تحذير عن هجوم
الموت في حالة الغفلة بيان ذلك أنّ ستر الأجل و اختفائه عن الانسان موجب لغفلته عن
ذكره و طول الأمل خادع له يخدعه بطول الحياة كما قيل:
أعلّل النّفس بالآمال أرقيها
ما أضيق الدّهر لو لا فسحة الأمل
فاذا انضاف
إلى ذلك خداع الشّيطان و وسوسته و تزيين المعصية في نظره و تسويفه للتّوبة و القائها
في امنيّة مع كونه موكلا به ملازما له، كانت الغفلة أشدّ و النّسيان آكد، فيهجم
منيته عليه في نهاية غفلة من دون تمكّن من توبته و لا تدارك منه لمعصيته، فعند ذلك
ينتبه من نوم الغفلة و الجهالة، و يقع في كمال الخيبة و النّدامة، و هو عند ذلك
يقول:
(فيا لها
حسرة على كلّ ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجّة) أى شاهدا بلسان حاله
على ما اكتسب فيه من الاثم و المعصية (و أن يؤدّيه أيّامه) التي أمهله اللّه
فيها لتحصيل السّعادة (إلى شقوة) ثمّ دعا 7 لنفسه و للمخاطبين
بقوله: (نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا و ايّاكم ممّن لا تبطره نعمة) أى من الذين
لا يوجب كثرة النعم له البطر و الطغيان كما أنّ ذلك من جبلة الانسان قال سبحانه: