عليّ إلى أهل النهروان أقبل رجل من
أصحابه ممّن كان على مقدمته يركض حتّى انتهى إلى عليّ فقال: البشرى يا أمير
المؤمنين، قال: ما بشراك؟ قال: إنّ القوم عبروا النهر لما أبلغهم وصولك فابشر فقد
منحك اللّه اكتافهم، فقال اللّه أنت رأيتهم قد عبّروا، قال: نعم فأحلفه ثلاث مرّات
في كلّها يقول نعم، فقال: و اللّه ما عبروا و لن يعبروا و أنّ مصارعهم لدون النطفة
و الذي فلق الحبّة و برء النسمة لن يبلغوا الا ثلث و لا قصر بوران حتى يقتلهم
اللّه، و قد خاب من افترى.
قال: ثمّ
أقبل فارس آخر يركض فرسه فقال كقول الأوّل فلم يكترث 7 بقوله، و جاءت
الفرسان كلّها تركض و تقول مثل ذلك فقام 7 فجال في متن فرسه.
قال فقال
شابّ من النّاس: و اللّه لأكوننّ قريبا منه فان كان عبروا النهر لأجعلنّ سنان رمحي
في عينه أيدّعي علم الغيب، فلما انتهى عليّ إلى النّهر وجد القوم، قد كسروا جفون
سيوفهم و عرقبوا خيولهم و حبوا على ركبهم و تحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له
نرجل، فنزل ذلك الشّاب فقال: يا أمير المؤمنين انّى كنت شككت فيك آنفا و إنّى تائب
إلى اللّه و إليك فاغفر لي فقال عليّ: إنّ اللّه هو الذي يغفر الذّنوب فاستغفره.
تنبيه و
تحقيق
قال الشّارح
المعتزلي: هذا الخبر من الأخبار التي تكاد تكون متواترة، لاشتهاره و نقل النّاس له
كافة، و هو من معجزاته و إخباره المفصلة عن الغيوب و الاخبار على قسمين:
أحدهما
الأخبار المجملة و لا إعجاز فيها نحو أن يقول الرّجل لأصحابه:
إنّكم
ستنصرون على هذه الفئة التي تلقونها غدا فان نصر جعل ذلك له حجة عند اصحابه و
سماها معجزة و إن لم ينصر قال لهم تغيّرت نيّاتكم فمنعكم اللّه نصره و نحو ذلك من
القول.
و القسم
الثّاني الأخبار المفصلة عن الغيوب مثل هذا الخبر فانّه لا يحتمل التّلبيس