ما دمنا نقاتلهم؛ فانّ قتالنا إيّاهم
شاغل لهم عن طلب هارب، و من أراد ما عند اللّه فما عند اللّه خير للأبرار، ثمّ نزل
في ثلاثين رجلا، فهممت بالنزول معه ثمّ أبت نفسى فتقدّم هو و أصحابه فقاتلوا حتّى
قتلوا رحمهم اللّه.
(و أزال
خيلكم عن مسالحها) و حدودها المعدّة لها (و لقد بلغنى أنّ الرّجل منهم كان يدخل على
المرأة المسلمة و) المرأة (الاخرى المعاهدة ف) كان (ينتزع) منها (حجلها) و خلخالها (و قلبها) و سوارها (و
قلائدها) من نحرها (و رعاثها) من آذانها (ما) يمكن ان (تمتنع
منه إلّا) بالتّذلل و (بالاسترجاع) و الخضوع (و
الاسترحام ثمّ انصرفوا) بعد القتل و الغارة (وافرين) تامين غير
مرزوئين (ما نال رجل منهم كلم و لا اريق له دم فلو أنّ امرء مسلما) ذا غيرة و
حميّة (مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما بل كان به عندي جديرا) و حقيقا.
(فيا عجبا
عجبا) أىّ عجب (و لّه يميت) ذلك العجب (القلب و يجلب
الهمّ من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم) مع علمهم بأنّهم على الباطل (و
تفرّقكم عن حقّكم) مع معرفتكم بأنّكم على الحقّ (فقبحا لكم و
ترحا) و همّا (حين) تثاقلتم عن الجهاد حتّى (صرتم
غرضا يرمى) بالنّبال ألا تستحيون من سوء عملكم و لا تخجلون من قبح فعلكم (يغار
عليكم و لا تغيرون و تغزون و لا تغزون و يعصى اللّه) بقتل الأنفس و نهب
الأموال و هتك العرض و تخريب البلاد (و) أنتم (ترضون) بذلك إذ لو
لا رضاكم لما تمكّن العدوّ منكم و لما هجم عليكم (فاذا أمرتكم
بالسّير إليهم في أيّام الحرّ) تخلّفتم عن أمري و اعتذرتم و (قلتم هذه
حمارة القيظ) و هجمة الصيف (أمهلنا حتّى يسبخ عنّا الحرّ) و يفتر عنّا
الهجر (و إذا أمرتكم بالسّير إليهم في) أيّام (الشّتاء) عصيتم أمري
و
(قلتم هذه صبارة القرّ أمهلنا ينسلخ عنّا البرد) و ينقضي القرّ و (كلّ هذا) الاستمهال و
إلاعتذار (فرارا من الحرّ و القرّ فاذا كنتم من الحرّ و القرّ تفرّون) مع هوانهما (فأنتم و
اللّه من السّيف أفرّ) على شدّته إذ لا مناسبة بين شدّة الحرّ و القرّ و بين القتل
بالسّيف و المجاهدة مع الأبطال.