باطلهم) و
هو التّصرّف الغير الحقّ في البلاد (و تفرّقكم عن حقّكم) و هو التّصرّف المستحق باذن وليّ الامر
(و بمعصيتكم امامكم في الحقّ و طاعتهم امامهم في الباطل) في
أوامره الباطلة و أحكامه الضّالة (و بأدائهم الامانة إلى
صاحبهم) حيث لزموا بعهده و وفوا ببيعته (و خيانتكم صاحبكم) حيث تركتم لموارزته في
القتال و نقضتم عهده و غدرتم له (و بصلاحهم في بلادهم) حيث راقبوا انتظام امورهم (و فسادكم) و السّرّ في جميع ذلك ما قاله الجاحظ من أنّ أهل العراق أهل نظر و
ذوو فطن ثاقبة و مع الفطنة و النّظر يكون التنقيب[1]
و البحث، و مع التنقيب و البحث يكون القدح و الطّعن و التّرجيح بين الرّجال و
التّمييز بين الرّؤساء و اظهار عيوب الامراء و أهل الشّام ذوو بلادة و تقليد و
جمود على رأى واحد لا يرون النّظر و لا يسألون عن مغيب الأحوال و هذا هو العلّة في
عصيان أهل العراق على الامراء و طاعة أهل الشّام لهم ثمّ كنايه بالغ 7
في ذمّهم بالخيانة على سبيل الكناية و قال: (فلو ائتمنت أحدكم
على قعب خشب لخشب أن يذهب) ذلك القعب (بعلاقته) ثمّ شكى إلى اللّه سبحانه
منهم بقوله: (اللهمّ إنّي قد مللتهم) لكثرة ما تكرّر منّي الأمر لهم بالجهاد و الذّبّ عن دين اللّه
المنافي لطبايعهم و المنافر عنه قلوبهم المشغولة بالدّنيا و زخارفها و البقاء فيها (و ملّوني) لأنّي دعوتهم إلى اللّه
سبحانه و إلى تحصيل مرضاته ليلا و نهارا فلم يزدهم دعوتي إلّا فرارا (و سئمتهم و سئموني).
ثمّ أردف تلك
الشّكاية بالتّضرّع إلى اللّه في الخلاص منهم ثمّ بالدّعاء عليهم بقوله: (فأبدلني
بهم خيرا منهم) كلمة الخير هنا بمنزلتها في قوله سبحانه: «اولئك خير أم جنّة الخلد»
على سبيل التّنزّل أو التحكّم؛ أو اريد بها المعنى الوصفى بدون تفضيل و لعلّ
المراد بذلك قوم صالحون ينصرونه و يوفقون لطاعته، أو ما بعد الموت من مرافقة
النّبيّ و آله و غيره من الأنبياء و الصدّيقين و الشّهداء و الصّالحين و حسن اولئك
رفيقا، و تمنّيه لفوارس فراس بن غنم ربما يؤيّد الأوّل.
[1] النقيبة النفس و العقل و المشورة و نفاذ الراى، ق.