و قال بعض العارفين: إنّ خيرات الدّنيا و
الآخرة جمعت تحت لفظة واحدة و هي التقوى انظر إلى ما في القرآن الكريم من ذكرها،
فكم علن عليها من خير و وعد لها من ثواب و أضاف إليها من سعادة دنيويّة و كرامة
اخرويّة.
و في عدّة
الدّاعي هي العدّة الكافية في قطع الطريق إلى الجنّة بل هي الجنّة الواقية من
متالف الدّنيا و الآخرة، و هى الممدوحة بكلّ لسان و المشرفة لكلّ إنسان، و قد شحن
بمدحها القرآن و كفاها شرفا قوله تعالى: وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ و لو كان في
العالم خصلة هى أصلح للعبد و أجمع للخير و أعظم بالقدر و أولى بالايجال و انجح
للامال من هذه الخصلة التي هي التّقوى؛ لكان اللّه أوصى بها عباده لمكان حكمته و
رحمته، فلمّا أوصى بهذه الخصلة الواحدة. جمع الأوّلين و الآخرين و اقتصر عليها علم
أنّها الغاية التي لا يتجاوز عنها و لا مقتصر دونها و القرآن مشحون بمدحها و عدّد
في مدحها خصالا:
الأوّل
المدحة و الثّناء «و إن تصبروا و تتّقوا فانّ ذلك من عزم الامور».
الثّاني
الحفظ و التّحصين من الأعداء «و إن تصبروا و تتّقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا».