المقصّرون عن نصرته في مبدء الأمر بعد
وفاة الرّسول 6 النّاصرون للّه في ولايته المقاتلون
معه في ساير حروبه (و ليقصّرن سبّاقون كانوا سبقوا) و هم الذين كانت لهم سابقة في الاسلام ثمّ خذلوه و انحرفوا عنه و
قاتلوه كأصحاب الجمل و الشام و أهل النّهروان قال الشّارح البحراني: و يشبه أن
يكون مراده 7 أعمّ من ذلك، فالمقصّرون الذين يسبقون كلّ من أخذت
العناية الالهيّة بيده و قاده زمام التّوفيق إلى الجدّ في طاعة اللّه و اتّباع
ساير أوامره و الوقوف عند نواهيه و زواجره بعد تقصير في ذلك، و عكس هؤلاء من كان
في مبدء الأمر مستمرّا في سلوك سبيل اللّه ثمّ جذبه هواه إلى غير ما كان عليه و
سلك به الشّيطان مسالكه فاستبدل بسبقه في الدّين تقصيرا و انحرافا عنه.
ثمّ إنّه
7 لمّا أخبرهم بعواقب امورهم و مآل حالهم أكّد ذلك بالقسم البارّ
تحقيقا لوقوع المخبر به لا محالة، و نبّه 7 على أنّه ما ينطق عن الهوى
في هذه الأخبار و أمثالها و إنّما تلقّاها من مصدر النّبوّة و دوحة الرّسالة فقال: (و اللّه
ما كتمت و شمة) على البناء للمفعول أى لم يكتم منّي رسول اللّه 6 كلمة أو علامة ممّا يجب عليه إظهاره، أو بالبناء على المعلوم أى لم
أكتم شيئا ممّا يتعيّن علىّ الاباحة[1] به من
كلمة أو أثر و علامة (و لا كذبت كذبة) في شيء ممّا اخبرت
به (و لقد نبّئت) أى أنبئني رسول اللّه 6 (بهذا المقام) و هو مقام اجتماع الخلق عليه (و هذا
اليوم) أى يوم بيعتهم له.
ثمّ إنّه
7 أردف كلامه بالتّرهيب عن الخطاء و التّرغيب في التّقوى بالتنبيه على
ما يقود إليه كلّ منهما و قال: تشبيه المعقول بالمحسوس (ألا و إنّ
الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها و خلعت لجمها فتقحّمت بهم في النّار) و هو من
لطيف التّشبيه و من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، و وجه الشّبه أنّ الفرس الشّموس التي
خلعت لجامها كما أنّها تجري على غير نظام و تتقحّم بصاحبها في المعاطب و المهالك،
فكذلك الخطيئة يجري راكبها بركوبه عليها على غير نظام الشّريعة فتورده أعظم موارد
الهلكة، و هي نار