الخفقان، ما زلت أنتظر بكم عواقب الغدر،
و أتوسّمكم بحلية المغترين، سترني عنكم جلباب الدّين و بصرنيكم صدق النية أقمت لكم
الحقّ حيث تعرفون و لا دليل و تحتقرون و لا تميهون، اليوم أنطق لكم العجماء ذات
البيان، عزب فهم امرء تخلّف عنّي، ما شككت في الحقّ منذ رأيته، كان بنو يعقوب على
المحجّة العظمى حتى عقّوا آبائهم و باعوا أخاهم، و بعد الاقرار كانت توبتهم، و
باستغفار أبيهم و أخيهم غفر لهم هذا، و شرح ما ذكره الرضي قدّس سرّه في ضمن فصلين.
الفصل
الاول
بنا
اهتديتم في الظّلمآء، و تسنّمتم العلياء، و بنا انفجرتم عن السّرار، و قر سمع لم
يفقه الواعية، و كيف يراعي النّبأة من أصمّته الصّيحة، ربط جنان لم يفارقه
الخفقان، ما زلت أنتظر بكم عواقب الغدر، و أتوسّمكم بحلية المغترّين، سترني عنكم
جلباب الدّين، و بصّرنيكم صدق النّيّة.
اللغة
(الظلماء)
كصحراء الظلمة و قد تستعمل و صفا يقال ليلة ظلماء أي شديدة الظلمة و (التّسنّم) هو
العلوّ و أصله ركوب السّنام و (العلياء) كصحراء أيضا السّماء و رأس الجبل و المكان
العالي و كلّ ما علا من شيء و الفعلة العالية المتضمنة للرفعة و الشّرف و
(انفجرتم) أي دخلتم في الفجر و (السّرار) اللّيلة و اللّيلتان يستتر فيهما القمر
في آخر الشهر و روى أفجرتم قال الشّارح المعتزلي: و هو أفصح و أصحّ لان انفعل لا
يكون إلّا لتطاوع فعل نحو كسرته فانكسر و حطمته فانحطم إلّا ما شذّ من قولهم: غلقت
الباب فانغلق، و أزعجته فانزعج، و أيضا فانّه لا يكون إلّا حيث يكون علاج و تأثير
نحو انكسروا نحطم و لهذا قالوا: إنّ قولهم: انعدم خطاء، و أمّا افعل فيجيء
لصيرورة الشيء على حال و أمر نحو أغدّ البعير أى صار ذاغدّة و أجرب