ذكر 7 في هذه الجمل من الكلام فصلان: أحدهما في تدبير النّفس و من أهمّ مسائل
الحكمة العملية، و الثاني في آداب المعاشرة و تدبير الاجتماع و لهذا فصّل أحدهما
عن الاخر و قال: أربعا و أربعا.
عرّف وفور
العقل بأنه أغنى العقل، و المقصود من غنى العقل أن يكون
تعقل الانسان مضيئا يوضح له كافّة جوانب حياته و جميع نواحي حوائجه، فيهديه في كلّ
شأن من الشئون إلى ما هو صلاحه، و يحفظه عن ارتكاب ما يضرّه و لا يحتاج إلى من
يكفّله و يحافظه كالقيّم عليه، و من نواحى الحياة درك لزوم التعلّم عند العالم
فيما كان جاهلا، و الرّجوع إلى المشير إذا كان الأمر عليه مبهما، فلا يكون المراد
من غنى العقل التفرّد بكلّ شيء و الاستغناء عن التعليم و
الاستشارة، كيف؟
و النّبي
6 مع كونه كلّ العقل و غير محتاج إلى المعلّم مأمور
بالاستشارة مع امّته في الامور فقال تعالى: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ- 159 آل عمران».
و تبيّن من
ذلك أنّ أكبر الفقر الحمق لأنّ الأحمق لا يهتدى إلى أن يرجع إلى العالم
فيما يجهل، و لا إلى المشاور فيما لا يفهم و لا يعقل.
و العجب يوجب
الترفع و توقع الاحترام من الأنام، فالمعجب يرى نفسه في مقام لا يرى معه غيره فيبتلى
بالوحشة و يمنع ترفعه من الانس و الخلطة مع أبناء جنسه، فيزيد بذلك وحشته، فالعجب
أوحش الوحشة.
و الحسب هو الانتماء
إلى بيت رفيع يختلف إليه النّاس و يحبّون ذويه فاذا كان الانسان صاحب خلق حسن مع أبناء
جنسه و بني نوعه يجتمعون إليه و يحبّونه.
و المصادقة رابطة و
ديّة بين الصديقين تقتضي المعاونة في الامور و المشاركة في دفع المحذور، فاذا كان
الصّديق أحمقا لا يميز النفع من الضرّ، و لا الخير من الشرّ و يجلبه رابطة
الصّداقة إلى إيصال النفع إلى صديقه و لكن غباوته و حمقه يجرّه.