قال ابن
ميثم: أراد بالمطبوع العقل بالملكة و هو الاستعداد بالعلوم الضرورية للانتقال منها
إلى العلوم المكتسبة و المسموعة من العلماء.
و قال الشارح
المعتزلي: هذه قاعدة كلّية مذكورة في الكتب الحكميّة إنّ العلوم منها ما هو غريزي،
و منها ما هو تكليفي، ثمّ كل واحد من القسمين يختلف بالأشدّ و الأضعف- إلخ.
و حاصل
كلامهما أنّ المراد تقسيم العلم إلى ضروري و اكتسابي كما هو المعروف في الكتب
المنطقية، فيكون العلم الضروريّ سواء كان تصوّرا أو تصديقا مقدّمة لتحصيل العلم
النظري و الاكتسابي بالفكر، و هو تأمّل معقول لكسب مجهول كما عرّفه الشيخ البهائى
رحمه اللَّه في «زبدة الاصول» و لا يخلو تعبير ابن ميثم عن المسامحة و الاضطراب
كما أنّ بيان الشارح المعتزلي لا ينطبق على مصطلح المنطق، فالعلم المطبوع على هذا
التفسير مقدّمة للعلم المسموع، و حينئذ لا محصّل لقوله 7: و لا ينفع
المسموع إذا لم يكن المطبوع.
2- أنّ
المراد من المطبوع هو صيرورة العلم المسموع وجدانا و نافذا في القلب بحيث ينبعث
منه العلم و فروعه، و في المثل قد يكون القلب وعاء للمحفوظات كحوض يجتمع فيه الماء
و لا يتلقح القلب بالعلم بحيث ينبعث منه في ذاته كالعين النابعة الّتي يفور منه
الماء كلّما جرى منه و لا ينفد ماؤه بالجريان و الاستخراج فالمقصود أنّ تحصيل كلّ
علم إذا انتهى إلى صيرورته ملكة و طبعا للمحصّل بحيث يصير مجتهدا و مفكّرا فيه،
فحصل له من العلم المسموع العلم المطبوع و إذا لم ينته إلى ذلك كان صرف المحفوظات
فلا يفيد في الابتكار و الاجتهاد في هذا العلم.
و قد أشار
إلى هذين المرحلتين الشيخ البهائي قدس سرّه في مبحث الاجتهاد و التقليد حيث عدّ
المقدّمات العلميّة التسعة للاجتهاد، ثمّ قال: إنّ تحصيل هذه العلوم في زماننا هذا
في غاية السهولة لوفور المدارس و الأساتيد و المشايخ لها، و لكن