جدرانه فيقول: يا ولد الان طاب لك
الاستفادة من هذه السطور العلميّة و الأسرار العرفانيّة.
و لم يذكر في
الحديث أنّ إخراج كميل إلى الجبان كان تحت ستار اللّيل و لكن يظهر من
التأمّل في تحصيل هذه الخلوة الروحانيّة أنّه كانت في اللّيل، فتدبّر.
و يا ليت
ارّخت هذه المصاحبة و أنّها كانت قبل حرب صفّين أو بعدها، و إن كان يستشمّ من
تنفّسه الصّعداء و التجائه إلى الصحراء أنها كانت بعد حرب
صفين و ظهور فتنة الخوارج و خذلان أهل الكوفة، فقد تشتعل من خلاله لو عات قلبه الشريف
الأسيف.
و يظهر أنّ
كميل جاهد في سبيل عقيدته و إيمانه حتّى قتل شهيدا، و مثل في حياته حياة الأحرار
المناضلين- إنّ الحياة عقيدة و جهاد-.
و قام 7 في هذه الخلوة مقام استاذ اجتماعي خبير بروحيّة الامّة و حلّلها تحليلا
دقيقا، و حصرها في ثلاث:
العالم
الرباني الّذي كلّمه اللَّه من وراء حجاب، أو يوحى إليه بكتاب، أو يرسل
رسولا إليه، و من قام مقامه من الأوصياء الّذين تلقّوا علمهم عن الأنبياء تلقينا و
قذفا في القلوب.
و المتعلّم من هؤلاء
الأنبياء و الأوصياء على صحيح الرواية و طريق النجاة.
و العامّة
العمياء يدورون كالذّبان هنا و هنا و يميلون مع كلّ ريح و يركضون وراء كلّ ناعق، قلوبهم
مظلمة و هم على حيرة و شكّ في حياتهم.
ثمّ توجّه
إلى مفاضلة دقيقة بين العلم و المال، و أتى بما لا مزيد عليه ترغيبا على
طلب العلم، و تزهيدا عن جمع المال و الادّخار.
ثمّ شرع في
تنظيم برنامج أخلاقي لطلّاب العلم، و أسقط منهم أربعة أصناف رفضهم باتا و أخرجهم
من مكتبه الرّوحاني:
1- اللّقن
الغير المأمون عليه، و هو المنافق الّذي لا إيمان له بما يتعلّمه