فانّ أشعارهم و خطاباتهم مليئة بذمّ
الدّنيا و الشكوى عنها بأرضها و سمائها و أفلاكها و نجومها و أقمارها، فقلّما يخلو
شعر شاعر أو كلام خطيب من المذمّة للدّنيا بوجه مّا.
2- درس نافع
و بليغ للتربية و فلسفة رشيقة لطور الاستفادة من الدّنيا و ما فيها، و بيّن 7 أنّ ما هو خارج عن وجود الانسان ينعكس فيه على ما يطلبه و يبتغيه، فالامور
كيف ما كانت في جوهرها إنما ترتبط بالانسان على ما يشكلها هو لنفسه.
فالمؤثر في
حسن الأشياء و قبحها و ذمّها و مدحها هو الانسان فانه يقدر أن يستفيد من كلّ شيء
أحسن استفادة إذا نظر اليه بالتعقّل و التدبّر اللائق.
فالدّنيا و
ما فيها كتاب تلقى دروسا نافعة للمتعلّم اللائق و الطالب الشائق و لكن الكسل
الرّاغب عن الاستفادة يمقتها و يعرض عنها و يذمّها كالطالب المدرسي اللّاهى
الملاعب المعرض عن تحصيل الدروس المقرّرة في المدارس و المكاتب، فانه ينظر إلى
الكتب الدرسية و التعليمات المدرسية نظر النفور و العداوة، و يحسبها عداوة لملاهيه
و مانعة عما يشتهيه و يتّهمها بالجرم و يحكم عليها بالعقوبة.
كما أنّ
الجاهل ينظر إلى ما لا يدرك فائدته من مظاهر الطبيعة بنظر المقت و السخريّة،
فيقول: لما هذه الجبال الوعرة الشاهقة، و هذه الصحارى القفرة المجدبة، و هذه
الأبحر الرهيبة الواسعة، و لما ذا؟! و لما ذا؟!.
و لكن العلم
الحديث قد توجّه إلى اكتناه هذه الامور و شرع بدرس كلّ من الكائنات من الذرّة إلى
الدرّة، و اكتشف فوائد قيّمة و آثارا معجبة أودعها اللَّه فيها.
3- تعرّض
لتحليل الدّنيا و تجزئتها من ناحية دروس العظة و الاعتبار بها و بما يجري فيها من
الحوادث الجارية السارية إلى أبناء البشر جمعاء.
فيعاتب من
ذمّه بقوله 7: متى طلب منك الدّنيا أن تحبّه و
جعلت تخدع