المعنى
أمر عباده حالكونهم مخيرين، و لا يستفاد من لفظة مخيرين
المختارين إلّا على تكلّف، ففيه تكلّفان: حمل المصدر على الصّفة، ثمّ حمل تلك
الصفة من باب إلى باب آخر، و ان جعله حالا من الفاعل و هو اللَّه فلم لم يجعله
مفعولا مطلقا، كما في قوله: نهاهم تحذيرا، كما صرّح به، و لا فرق بين جعله حالا أو مفعولا مطلقا من جهة
المعنى، فتدبّر. قال في شرح المعتزلي: قد ذكر شيخنا أبو الحسين رحمه اللَّه: هذا
الخبر في كتاب الغرر، و رواه عن اصبغ بن نباته انتهى. و المتن الّذي ذكره مختلف مع
متن حديث الكافي في موارد، فصدر مقالة عليّ 7 فيه بقوله: «و الّذى فلق الحبّة و بريء النسمة» و
لم يذكر فيه قوله:
«و لكان
المذنب أولى بالإحسان من المحسن، و لكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب» و هذه
الجملة من مشكلات هذا الحديث. و قد ذكر المجلسى رحمه اللَّه في شرحه على الكافي
وجوها خمسة في حلّه نذكر خلاصة منها هنا:
الاول- أنه
[يكون] متفرعا على أنّه إذا بطل الثواب و العقاب بالجبر على التكليف فالمذنب صار
أولى بالاحسان لنيله في هذه الدّنيا إلى ملادّه و شهواته و المحسن أسوء حالا منه
لتحمّله مشاقّ التكليف و العبادات. الثاني- أنّه لو كان المذنب مجبورا على عمل
السيّئة و المحسن على عمل الطاعة فالأولى الاحسان بالمذنب لتدارك جبره على الخلاف
الواقع منه، و عقوبة المحسن ليساوي حاله مع المذنب و يراعى العدالة بينهما.
الثالث- ما قيل إنّه إنما كان المذنب أولى بالاحسان لأنّه لا يرضى بالذّنب كما
يدلّ عليه جبره، و المحسن أولى بالعقوبة لأنّه لا يرضى بالاحسان لدلالة الجبر
عليه، و من لا يرضى بالاحسان أولى بالعقوبة من الّذى يرضى به، و لا يخفى ما فيه.
الرابع- أنّه لما اقتضى ذات المذنب أن يحسن إليه في الدّنيا باحداث اللّذات فيه،
فينبغي أن يكون في الاخرة أيضا كذلك، لعدم تغير الذوات في النشأتين