ذمّته من إرشاد
الناس و توضيح الحقّ لهم ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حيّ
عن بينّة.
و نبّه معاوية على أنّ ما
ارتكبه من الخلاف أمر يرجع إلى إضلال كثير من الناس و لا تدارك له إلّا
برجوعه إلى الحقّ و إعلامه ضلالته ليرجع عنها من وقع فيه بغيّه و تلبيسه مع إشارته
إلى أنّه لا يتّعظ بمواعظه حيث يقول في صدر الكتاب «و إنّي لأعظك مع علمي بسابق
العلم فيك ممّا لا مردّ له دون نفاذه- إلخ» و مقصوده إعلام حاله على سائر المسلمين
لئلّا يقعوا في حبل ضلالته و خدعوا بالقاء شبهاته.
و قد نقل
الشارح المعتزلي «ص 133 ج 16 ط مصر»: بعد نقل صدر كتابه عن أبي الحسن عليّ بن
محمّد المدائنى مكاتبات عدّة بعد هذا الكتاب بين عليّ 7 و معاوية تحتوى
على جمل شديدة اللّحن يبين فيها علىّ 7 ما عليه معاوية من الغيّ و
الضلالة و الخدعة و الجهالة، فيردّ عليه معاوية بما يفترى على عليّ 7
من الأباطيل و الأضاليل مقرونا بالوعيد و التهديد، ثمّ يقول في «ص 136»:
قلت: و أعجب
و أطرب ما جاء به الدّهر ... يفضى أمر عليّ 7 إلى أن يصير معاوية ندّا
له و نظيرا مماثلا، يتعارضان الكتاب و الجواب- إلى أن قال: ثمّ أقول ثانيا لأمير
المؤمنين 7: ليت شعرى لما ذا فتح باب الكتاب و الجواب بينه و بين
معاوية؟ و إذا كانت الضّرورة قد قادت إلى ذلك، فهلّا اقتصر في الكتاب إليه على
الموعظة من غير تعرّض للمفاخرة و المنافرة، و إذا كانت لا بدّ منهما فهلّا اكتفى
بهما من غير تعرّض لأمر آخر يوجب المقابلة و المعارضة بمثله، و بأشدّ منه «و لا
تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم» و هلّا دفع هذا
الرّجل العظيم الجليل نفسه عن سباب هذا السّفيه الأحمق» ثمّ جرّ الكلام إلى ابتداء
علي 7 بلعن معاوية في القنوت مع عمرو بن العاص و أبي موسى و غيرهم،
فقابله معاوية بلعنه مع أولاده و مع جمع من أخصّاء أصحابه.
أقول: ظاهر
كلامه تأسّف مع اعتراض شديد أو اعتراض مقرون بتأسّف