أقول: ظاهر
حال المكتوب و الكتاب أن يكون من غائب إلى غائب لبيان المارب، و قد يصدر الكتاب من
الأعاظم و الأنبياء و الأولياء إلى أخصّائهم ليكون مثالا للإرشاد و منشورا للتعليم
و استفادة العموم و هدايتهم إلى طريق الرشاد فالمخاطب به خاصّ و المقصود منه عامّ،
و من هذا القبيل رسائل أصحاب عيسى إلى خواصّهم و حواريّهم المعدودة من الماخذ و
المصادر الدينيّة عند المسيحيّين و المضمونة في العهد الجديد من الكتاب المقدّس
عند أتباع الأناجيل، و هذا الكتاب الّذي صدر منه 7 إلى الحارث الهمداني من هذا القبيل فانّه مثال للهداية و الإرشاد
لكافّة العباد، و يدلّ على علوّ مقام الحارث الهمداني و حظوته بموقف عال عند أمير
المؤمنين 7 حيث خصّه بهذا المنشور الإرشادي الغزير الموادّ و العميق
المغزى بالنظر إلى التعاليم العالية الأخلاقيّة كمثل أعلى في طريق التزكية
النفسانيّة واف في المرام لجميع الأنام، و قد انتخب السيّد الرضيّ منه قطعة صالحة
لما يرمي إليه في نهجه هذا من المقاصد الأدبيّة.
قال ابن ميثم:
هذا الفصل من كتاب طويل إليه، و قد أمره فيه بأوامره، و زجره بزواجره، مدارها على
تعليم مكارم الأخلاق و محاسن الاداب.
أقول: و قد
جمع 7 في هذا الفصل كلّما يلزم لمسلم معتقد إلهيّ في الرابطة بينه و
بين اللّه تعالى من التمسّك بالقرآن و ملازمة أحكامه من
الحلال و الحرام و في المواجهة مع الدنيا و الاعتبار عن
فنائها و عدم الركون عليها و الاتّعاظ بما سلف منها و في التوجّه
إلى الموت و التهيّؤ لما بعده بادّخار الأعمال الصالحة و الاجتناب
عن الأعمال المهلكة.
ثمّ نظم.
وصايا اجتماعيّة في الروابط بين المسلم و سائر إخوانه و أبناء نوعه و حذّر عن
الاستئثار بما يكره سائر الناس و يضرّهم و عن
النفاق، و أمر بصيانة