على طليحة بن خويلد- إلى أن قال: «فخرج
عليّ 7 بنفسه و كان على نقب من أنقاب المدينة».
أقول: الظاهر
أنّ المراد من إمساكه يده إمساكه عن بيعة موافقيه معه و قيامه بالامامة فانتظر أمر
بيعة أبي بكر هل يفوز بالأكثريّة الساحقة بحيث يسقط تكليفه بالجهاد و الدفاع لقلّة
أعوانه أم لا؟ فكان الأمر رجوع الناس و ارتدادهم عن وصيّة رسول اللّه و استخلافه
فانّ المقصود من كلمة «الناس» في قوله «رأيت راجعة
الناس» المعرّف باللام هو المقصود منه في قوله «الناس» في جملة (فما
راعني إلّا انثيال الناس على فلان).
و قد فسّره
الشارح بأبي بكر و قال: أى انصبابهم من كلّ وجه كما ينثال التراب على أبي بكر، و
هكذا لفظ الكتاب الّذي كتبه للأشتر و إنّما الناس يكتبونه الان «إلى فلان» تذمّما من
ذكر الاسم.
أقول: مرحبا
باعترافه بتذّمم الناس من اسم أبي بكر.
فمقصوده 7 من الناس الّذين رجعوا عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمّد 6 هم الّذين بايعوا مع أبي بكر، و لمّا أيس 7 من المبارزة
معهم بقوّة الامرة و الحكومة و تصدّي زعامة الامّة عدل إلى مبارزة مسلميّة و بايع
أبا بكر و نصر الاسلام بارائه النيّرة و هداهم إلى المصالح
الاسلاميّة كاظما غيظه و صابرا على سلبهم حقّه، فكم من مشكلة حلّها و قضيّة صعبة
لجئوا فيها إليه حتّى قال عمر في عشرات من المواقف: «لو لا عليّ لهلك عمر» و هذا
هو المعنيّ بقوله 7:
(فخشيت إن
لم أنصر الاسلام و اهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم).
و هذه
الصعوبات الّتي حلّها علما و رأيا هي الأحداث الّتي نهضت لها حتّى زاح
الباطل و زهق، و المقصود منه توطئة خبيثة دبّرها بنو اميّة لمحق الاسلام و الرجوع
إلى آداب الجاهليّة الاولى (و اطمأنّ الدين و تنهنه) عن الزوال
ببقاء ظواهر الاسلام و دفع الشبهات و عرفان جمع من العرب و الناس الحقّ و رجوعهم