فقلنا: تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم
بإطفاء النّائرة و تسكين العامّة، حتّى يشتدّ الأمر و يستجمع، فنقوى على وضع الحقّ
في مواضعه، فقالوا: بل نداويه بالمكابرة، فأبوا حتّى جنحت الحرب و ركدت، و وقدت
نيرانها و حمست [حمشت]، فلمّا ضرّستنا و إيّاهم، و وضعت مخالبها فينا و فيهم،
أجابوا عند ذلك إلى الّذي دعوناهم إليه، فأجبناهم إلى ما دعوا، و سارعناهم إلى ما
طلبوا حتّى استبانت عليهم الحجّة، و انقطعت منهم المعذرة، فمن تمّ على ذلك منهم
فهو الّذي أنقذه اللّه من الهلكة، و من لجّ و تمادى فهو الرّاكس الّذي ران اللّه
[رين] على قلبه، و صارت دائرة السّوء على رأسه.
اللغة
(بدء) الأمر:
أوّله و بدىء بمعنى مبتدأ، (النائرة): فاعلة من النار، أى العداوة، (جنحت):
أقبلت، (ركدت): ثبتت، (حمست): اشتدّت، حمشت:
التهبت غضبا،
(ضرّست): عضّتنا بأضراسها، يقال: ضرّ سهم الدهر أى اشتدّ عليهم، (المخالب) جمع
مخلب و هو من الطير بمنزلة الظفر للانسان، (أنقذه):
خلّصه،
(التمادي) في الشيء: الاقامة عليه و طلب الغاية منه، (الركس): ردّ الشيء مقلوبا،
(ران) غلب و غطّى.
الاعراب
أنّا: بالفتح
مع اسمه و خبره تأوّل بالمصدر و خبر لقوله «بدء أمرنا»