«وجوده لطف و تصرّفه لطف آخر و عدمه
منّا» أى عدم تمكّننا و بيعتنا مع الامام فوّت عنّا تصرّف الامام في الامور و
إجرائها كما ينبغي.
و أشار 7 إلى ما يسقط اعتبار البيعة و هو أمران:
1- (و إنّ
العامّة لم تبايعني لسلطان غالب) يعني أنّ البيعة الصادرة عن قهر الناس
بارعابهم و تخويفهم لا تنعقد، لأنّ الإكراه مبطل للمعاهدات عقدا كانت أم إيقاعا و
البيعة من أهمّ العقود بين الرعيّة و الامام فلا تنعقد مع الاكراه.
2- (و لا
لعرض حاضر) قال الشارح المعتزلي «ص 123 ج 17 ط مصر»:
«أى مال
موجود فرّقته بينهم» و هو المعبّر عنه بابتياع الرأي، فالبيعة الحاصلة بابتياع
آراء من بايع إلى حيث يخلّ بالأكثريّة اللازمة يسقط البيعة عن الاعتبار، فأثبت
7 صحّة بيعته بأنّها صادرة عن عامّة الناس بالرضا و طيب النفس فيلزم
عليهما التسليم و الطاعة و الانقياد.
ثمّ أقام
عليهما الحجّة بأنّهما بايعا معه فيلزم عليهما الوفاء بها و الرجوع عن الخلاف و
التوبة إلى اللّه فورا فانّها واجبة على العاصي فورا، فان زعما
أنّهما كارهان لبيعته و لم تصدر عن الرضا و طيب النفس فاعترض عليهما بوجوه:
1- أنّ
الكراهة غير مبطلة للعقود، لأنّ مجرّد الكراهة الباطنيّة لا تضرّ بصحّة العقد
الصادر عن الرضا الانشائي بداعي المنافع المقصودة منه كالمريض يشتري الدواء و هو
كاره له بداعي معالجة مرضه، و كالمضطرّ في شراء الحوائج فانّه كاره قلبا فالمبطل
للعقد هو الاكراه الّذي يسلب قدرة المكره لا الكراهة الباطنيّة.
2- أنّ ظاهر
بيعتكما الرضا و طيب النفس، فدعوى الكراهة مردودة لأنّها كالانكار بعد الإقرار،
فقال 7 (فقد جعلتما لي عليكما السلطان بإظهار كما الطاعة).
3- أنّكما
تعترفان بالنفاق، و إظهار النفاق موجب للعقوبة و إن كان المستتر منه يحال إلى
اللّه تعالى فيعاقب عليه في الاخرة، و أشار إليه بقوله (و إسرار كما
المعصية).