و البيوتات في تربية الأفراد و تأديبهم و
إن بلغت من السعة و النفوذ إلى ما يوجب العجب و التحسين، و قد بيّن تلك الحكمة
الاجتماعية الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطوطاليس في ما أجاب به الإسكندر الفاتح
الشهير ننقله من الشرح المعتزلي بعينه، قال:
رسالة
الاسكندر الى أرسطو و ردّ أرسطو عليه
و ينبغي أن
نذكر في هذا الموضع رسالة أرسطو إلى الإسكندر في معنى المحافظة على أهل البيوتات و
ذوي الأحساب، و أن يخصّهم بالرياسة و الامرة، و لا يعدل عنهم إلى العامّة و
السّفلة، فانّ في ذلك تشييدا لكلام أمير المؤمنين 7 و وصيّته.
لمّا ملك
الاسكندر ايرانشهر و هو العراق مملكة الأكاسرة و قتل دارا بن دارا كتب إلى أرسطو
و هو ببلاد يونان:
عليك أيّها
الحكيم منّا السلام، أمّا بعد، فانّ الأفلاك الدائرة، و العلل السمائيّة و إن كانت
أسعدتنا بالامور الّتي أصبح الناس بها دائبين، فانّا جدّ واجدين لمسّ الاضطرار إلى
حكمتك، غير جاحدين لفضلك و الاقرار بمنزلتك و الاستنامة[1]
إلى مشورتك و الاقتداء برأيك، و الاعتماد لأمرك و نهيك لما بلونا من جدا ذلك
علينا، و ذقنا من جنا منفعته، حتّى صار ذلك بنجوعه فينا و ترسّخه في أذهاننا و
عقولنا كالغذاء لنا، فما ننفكّ نعوّل عليه و نستمدّ منه استمداد الجداول من
البحور، و تعويل الفروع على الاصول، و قوّة الأشكال بالأشكال، و قد كان ممّا سبق
إلينا من النصر و الفلح، و اتيح لنا من الظفر، و بلغنا في العدوّ من النكاية و
البطش ما يعجز العقول عن وصفه، و يقصر شكر المنعم عن موقع الانعام به، و كان من
ذلك أنّا جاوزنا أرض سوريّة و الجزيرة، إلى بابل و أرض فارس، فلمّا حللنا بعقوة
أهلها- العقوة ما حول الدار- و ساحة بلادهم، لم يكن إلّا ريثما