المتمرّنة على الظلم فقال: إذا كان الوزير وزيرا للوالي الشرير فقد شركه في الاثام و المظالم و لا يجوز
الاعتماد عليه و اتّخاذه بطانة في امور الحكومة فانّهم أعوان الأثمة و
إخوان الظلمة.
ثمّ هداه إلى
رجال آخرين يفضّلون على أمثال هؤلاء من وجوه:
1- لهم مثل
آرائهم و نفاذهم في الامور مبرّؤون من الاصار و الأوزار لعدم المعاونة على
الظلم و الاثم فيكون آرائهم أصقل و نفاذهم أكثر.
2- اولئك
أخفّ مئونة لانّهم أهل صلاح و سداد و لم يعتادوا الاسراف في المعيشة و ادّخار
الأموال.
3- معونتهم
للوالي أكثر من الوزراء السابقين لعدم اعتيادهم بالمسامحة في الامور.
4- لم يغيّر
صفاء قلوبهم المطامع و المكائد فكان حبّهم للوالي خالصا و عطفهم عليه عن صميم
القلب.
5- لم يألفوا
مع اناس آخرين هم أتباع و أعوان الأشرار الماضين فالفتهم مع
غير الوالي قليل.
ثمّ أمره بالانتخاب
من اولئك الوزراء الصالحين فقال 7:
(ثمّ ليكن
آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك) على خلاف عادة الولاة الظلمة الطالبين لمن
يؤيّدهم على أهوائهم الباطلة، و قد ذكر الشارح المعتزلي هنا قصّة لطيفة كما يلي:
اتى الوليد
بن عبد الملك برجل من الخوارج، فقال له: ما تقول في الحجّاج؟
قال: و ما
عسيت أن أقول فيه، هل هو إلّا خطيئة من خطاياك، و شرر من نارك، فلعنك اللّه و لعن
الحجّاج معك و أقبل يشتمهما، فالتفت الوليد إلى عمر بن عبد العزيز فقال: ما تقول
في هذا؟ قال: ما أقول فيه هذا رجل يشتمكم، فإمّا أن تشتموه كما شتمكم، و إمّا أن
تعفوا عنه، فغضب الوليد و قال لعمر: ما أظنّك إلّا خارجيا، فقال عمر: و ما أظنّك
إلّا مجنونا، و قام فخرج مغضبا، و لحقه خالد