القوّة العمّالة و حقيقة الطيران و السير
من الدرك و الفعل كما سمّى بعضهم القوى المدركة من النّفس النّاطقة بالطّيارة و
المحرّكة بالسيّارة، و قال في هامش الكتاب في بيان قوله: بأن يكون لرقائقهم
المثالية- إلخ- لأنّ لكلّ معنى صورة و لكلّ حقيقة رقيقة كما أنّ لسني الرخا صورة
هي البقرات السمان و لسني القحط صورة هي البقرات العجاف و قس عليه و التعبير
كالتأويل.
قوله 7: (و آس بينهم- إلخ) ثمّ أمره بالمساواة معهم حتّى في
اللّحظة و النظرة لئلّا يطمع العظماء في حيفه مع الرّعية و لا ييأس
الضعفاء من عدله عليهم و قد مضى كلامنا في العدل و المساواة في شرح الكتاب
الثالث أعني كتابه 7 لشريح القاضي لمّا اشترى دارا بثمانين دينارا.
ثمّ علل أمره
بالمساواة و العدل حتّى في اللّحظة و النّظرة بقوله: (فإنّ
اللّه يسائلكم- إلخ) كى لا يظنّ أنّ عدم التسوية في اللّحظة و
النّظرة ممّا لا يعتنى به و لا يحاسب عليه (فإن يعذّبهم اللّه فهم أظلم و إن
يعفو فهو أكرم) و الأفعل ههنا ليس أفعل التفضيل بل هو أفعل الوصف نظير قوله تعالى: أَنَّ
اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أى ليس بظالم، و ذلك لأنّ صدور الظلم
كثيره و قليله منه تعالى قبيح عقلا، فمن ارتكب المعاصي فهو ظالم لنفسه و إن تاب
عنها إليه تعالى و زكّى نفسه من درنها فقد أفلح و عفا اللّه عنه و هذا كرم ناله من
اللّه تعالى، فإنّ اللّه أمر بالخير و نهى عن الشرّ.
قوله 7: (و اعلموا عباد اللّه- إلخ) وصف المتّقين ترغيبا لعباد
اللّه إلى التّقوى، و إنما قال: (إنّهم سكنوا الدّنيا
بأفضل ما سكنت و أكلوها بأفضل ما اكلت) لأنّ مكسبهم كان على وجه حلال و طريق
صواب فملبسهم و مأكلهم و مشربهم كلّها قد تهيّأت على ذلك الوجه و لم يكن لهم فيها
وزر و لا وبال و المترفون و الجبابرة المتكبّرون، لم يأخذوا من دنياهم إلّا على
قدر ما يحتاج الانسان أن يعيش و تركوا ما زاد منها على حسرة هي أشدّ من نار جهنّم
ألما: