خبر بعد خبر، و لكن الظاهر من تنسيق
الكلام أنّ الّتي صفة لها و لا تعجز خبر لها (و لا ينقص من صلاتهم شيئا) نقص لازم
و متعدّ. (تصدّق أقوالكم أفعالكم) أقوالكم مفعول به مقدّم على الفاعل أعني
أفعالكم.
المعنى
هذا العهد
الشريف يحتوي في أمر المعاد ما لا يحتويها غيره من خطبه و وصاياه و عهوده كما يظهر
ذلك لك بالتأمّل في سائر كلامه 7، حتّى أنّ العهد الّذي كتبه إلى مالك
رضوان اللّه عليه و هو أطول عهوده، و أنّ الكتاب الّذي كتبه إلى ابنه الحسن
المجتبى 7 و هو أطول كتبه و وصاياه و من جلائلها لا يشتملان على معارف
و حقائق في المعاد، توجد في هذا العهد القويم، و إن كان نبذة من كتابه إلى الحسن
7 في ذلك و لكنّها لا يقاس إلى ما في هذا العهد من دقائق و رقائق في
المعاد، و أمّا العهد الّذي كتبه إلى المالك فهو و إن كان من محاسن كتبه 7 و لكنّه برنامج الوظائف الاجتماعيّة و المدنيّة.
و بالجملة
كتابه 7 هذا إلى محمّد بن أبي بكر يفتح أبوابا
إلى معرفة ذلك المطلب الأسنى و المقصود الأسنى أعنى المعاد و أحوال الناس فيه، و
شرحه على التفصيل ينجرّ إلى إطناب، و لذا نعرض عنه و نكتفي بشرحه الإجمالي و نشير
إلى طائفة من معاني أقواله 7 و الأخبار الاخرى في المقام على ما يقتضيه
الحال و تفصيله يطلب من كتابنا المسمى بالقيامة فنقول مستعينا بمن له الاخرة و
الاولى:
كنايه قوله
7: (فاخفض لهم جناحك- إلخ) أمره أن لا يغلظ على الرعيّة و أن يكون
ليّن الجانب لهم، و خفض الجناح كناية عن التواضع و اللّين و الانقياد و
التسليم، كما ترى من دأب الطير إذا تواضع أحدها الاخر يخفض جناحه عنده.
و روى
الكليني قدّس سرّه في الكافي باسناده عن أبي عبد اللّه 7، عن رسول
اللّه 6 قال: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه به طريقا
إلى الجنّة و أنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به- الخبر، و في سورة
الاسرى من القرآن الكريم: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي