و لا في شيء خلف من اللّه، اشدد على
الظالم و خذ على يديه، و لن لأهل الخير و قرّبهم منك و اجعلهم بطانتك و إخوانك.
ثمّ انظر
صلاتك كيف هي فإنّك إمام و ليس من إمام يصلّى بقوم فيكون في صلاتهم تقصير إلّا كان
عليه أو زارهم و لا ينتقص من صلاتهم شيء و لا يتمّمها إلّا كان له مثل اجورهم و
لا ينتقص من اجورهم شيء. و انظر الوضوء فإنّه تمام الصّلاة و لا صلاة لمن لا وضوء
له. و اعلم أنّ كلّ شيء من عملك تابع لصلاتك، و اعلم أنّه من ضيّع الصّلاة فإنّه
لغير الصّلاة من شرائع الإسلام أضيع.
و إن استطعم
يا أهل مصر أن يصدّق قولكم فعلكم و سرّكم علانيتكم، و لا تخالف ألسنتكم أفعالكم
فافعلوا، و قال رسول اللّه 6: إنّي لا أخاف على امّتى مؤمنا و
لا مشركا أمّا المؤمن فيمنعه اللّه بإيمانه، و أمّا المشرك فيخزيه اللّه و يقمعه
بشركه، و لكنّي أخاف عليكم كلّ منافق حلو اللسان يقول ما تعرفون، و يفعل ما تنكرون
ليس به خفاء، و قد قال النّبي 6: من سرّته حسناته و ساءته
سيّئاته فذلك المؤمن حقّا، و كان يقول 6: خصلتان لا يجتمعان
في منافق: حسن سمت و فقه في سنّة.
و اعلم يا
محمّد بن أبي بكر أنّ أفضل الفقه الورع في دين اللّه، و العمل بطاعة اللّه أعاننا
اللّه و إيّاك على شكره و ذكره و أداء حقّه و العمل بطاعته إنّه سميع قريب.
و اعلم أنّ
الدّنيا دار بلاء و فناء و الاخرة دار بقاء و جزاء فإن استطعت أن تؤثر[1] ما يبقى على ما يفنى فافعل رزقنا
اللّه بصر ما بصّرنا و فهم ما فهّمنا حتّى لا نقصّر عمّا أمرنا و لا نتعدّى إلى ما
نهينا عنه فانّه لا بدّ لك من نصيبك من الدّنيا، و أنت إلى نصيبك من الاخرة أحوج،
فان عرض لك أمران: أحدهما للاخرة و الاخر للدّنيا، فابدأ بأمر الاخرة، و إن استطعت
أن تعظم رغبتك في
[1] كانت العبارة« أن تزين» مكان« أن تؤثر» و بدلنا الاول
بالثانى قياسا بما نقلنا آنفا من كتاب الغارات و كانت العبارة فيه« تؤثر» و لا
تفيد تزين من الزينة معنى صحيحا الا بتكلف لا ينبغي فى حول كلام صدر من مشرع
الفصاحة و البلاغة. منه.