أنّ
الأكياس بمعنى العقلاء، و إنما
يردها الأكياس لأنّ العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به
الجنان، و أنّ الأنكاس
جمع النكس و هو الرجل الدّني المنكوس على ما بيّن في اللّغة مشبعا، و إنّما يخالفها الأنكاس لأنّهم لدناءة طبعهم، و
قصور همّتهم ألفوا بقاذورات الدّنيا الدّنيّة و أوساخ الامال النفسانيّة
الشيطانيّة فهم ناكسوا رؤوسهم إلى اللّذائذ الحيوانيّة الداثرة الفانية أقرب شيء
شبها بهم الأنعام السائمة، و في كتاب العقل و الجهل من الكافي: بإسناده عن محمّد
بن عبد الجبّار عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه 7 قال: قلت له:
ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان، قال: قلت: فالّذي كان في
معاوية؟ فقال:
تلك النكراء
تلك الشيطنة و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل، و قد مضى بحثنا عن هذا الحديث و
شرحه في المختار السابع باب الكتب و الرسائل فراجع إلى (ص 225 ج 17).
و قد تقدّم
في رسالتنا في لقاء اللّه تعالى أنّ حشر الخلائق حسب أعمالهم، و أنّ كلّ أحد إلى
غاية سعيه و عمله و إلى ما يحبّه و يهواه، فحيث إنّ الأنكاس أدبروا ههنا
عن أمر اللّه تعالى و طاعته و لقائه و أقبلوا إلى الشهوات النفسانية و لم يرفعوا
رؤوسهم عن معلفهم و مرعيهم فهم في النشأة الاخرة أيضا ناكسون لأنّ الدّنيا مزرعة
الاخرة قال عزّ من قائل: نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَ ما نَحْنُ
بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا
تَعْلَمُونَ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (الواقعة
61- 63)، و في الكافي كما في الصافي عن السّجاد 7: العجب كلّ العجب لمن
أنكر النشأة الاخرى و هو يرى النشأة الاولى.
و قال عزّ من
قائل: وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (الم
السجدة: 13).
و روى ثقة
الإسلام الكليني في باب ظلمة قلب المنافق و إن أعطى اللسان و نور قلب المؤمن و إن
قصر بلسانه من كتاب الإيمان و الكفر (ص 309 ج 2 من المعرب) بإسناده عن المفضل عن
سعد عن أبي جعفر 7: قال إنّ القلوب أربعة: قلب فيه