إلى الان اتّبعتم تلك الاراء فإن تبتم
وعدتم إلى الحقّ عفوت عنكم و إلّا فلا بدّ لى إلّا
المسير إليكم فاوقعن بكم كذا و كذا.
قوله 7: (مع إنّي عارف- إلخ) أردف كلامه في الإيعاد و التهديد
بالتحبيب و التأليف فقال مع إنّي عارف بفضل ذى الطاعة
منكم و حق ذي النصيحة منكم لا آخذ متّهما ببريء، و
لا ناكثا بوفيّ.
نعم إنّ من
هو سلطان العالم الأرضى و خليفة اللّه فيه و ربّ إنسانىّ فائز بالخواصّ النبويّة
فهو يؤتي كلّ ذي حقّ حقّه و لا يتصور فيه أن يتجاوز متّهما إلى بريء أو ناكثا إلى
وفيّ و انما التجاوز من داب أبناء الدّنيا و عبيد الهوى، هذا هو زياد بن
أبيه خطب بالبصرة الخطبة المشهورة الّتي تدعى البتراء ذكرها أبو عثمان الجاحظ في
البيان و التبيين ج 2 ص 61، و ابن قتيبة في عيون الأخبار ج 2 ص 341، و أبو جعفر
الطبري في حوادث سنة 45 من تاريخه، و أبو علي القالي في ذيل الأمالي ص 185 من طبع
مصر، و أتى بها صاحب العقد الفريد أيضا.
قال الجاحظ:
قال أبو الحسن المدائني و غيره ذكر ذلك عن مسلمة بن محارب و عن أبي بكر الهذلىّ
قالا: قدم زياد البصرة واليا لمعاوية بن أبي سفيان و ضمّ إليه خراسان و سجستان
فخطب خطبة بتراء لم يحمد اللّه فيها و لم يصلّ على النبيّ.
أما بعد فإنّ
الجهالة الجهلاء و الضلالة العمياء و الغىّ الموفي بأهله على النار ما فيه سفهاؤكم
و يشتمل عليه حلماؤكم- إلى أن قال: و إنّي لأقسم باللّه لاخذنّ الولىّ بالولىّ (و
في نسخة العقد: لاخذن الولىّ بالمولى)، و المقيم بالظّاعن و المقبل بالمدبر، و
المطيع بالعاصى، و الصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتّى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول:
انج سعد فقد هلك سعيد، او تستقيم لي قناتكم- إلى آخر الخطبة.
قال: فقام
إليه أبو بلال مرداس بن اديّة، و هو يهمس و يقول: أنبأنا اللّه بغير ما قلت، فقال: وَ
إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَ أَنْ
لَيْسَ