استسلموا و أسرّوا الكفر فلمّا وجدوا
أعوانا عليه أظهروه (المختار 16 من باب الكتب ص 224 ج 18) و
راجع أيضا إلى (ص 370 ج 15 و الى ص 53 ج 18).
و قال
الطبرسي- ره- في التفسير: في هذه الاية دلالة على فضل السابقين و مزيتهم على غيرهم
لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدّين فمنها مفارقة العشائر و الأقربين، و
منها مباينة المألوف من الدين، و منها نصرة الإسلام و قلّة العدد و كثرة العدوّ، و
منها السبق إلى الإيمان و الدّعاء إليه- إلى أن قال: و روى الحاكم أبو القاسم
الحسكانى باسناده مرفوعا إلى عبد الرحمن بن عوف في قوله سبحانه:
وَ
السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ قال: هم عشرة من قريش أوّلهم إسلاما علي بن
أبي طالب.
و بالجملة
أنّ معاوية و أترابه شأنهم و قدرهم دون أن يدخلوا في التمييز بين هؤلاء و نحوه و
ليسوا بأهل لذلك و نعم ما قيل:
خلق اللّه للحروب رجالا
و رجالا لقصعة و ثريد
ثمّ أتى أمير
المؤمنين 7 في ذلك بمثلين كما أتى في الأمر المقدّم بالمثلين فقال 7: (هيهات لقد حنّ قدح ليس منها) و قد علمت في تفسير
اللّغة أنه يضرب للرجل يفتخر بقبيلة ليس منها أو يتمدح بما لا يوجد فيه، و قريب
منه ما يقال في الفارسية: من آنم كه رستم جوانمرد بود، و الثاني قوله 7: (و طفق يحكم فيها من عليه الحكم لها) أى طفق يحكم
في هذه الجماعة أو القضيّة أو نحوهما من عليه الحكم لها، يعني ليس
له أن يحكم فيها و قدره دون ذلك بل يجب عليه قبول الحكم الصادر من أهله فيها.
ثمّ نبّهه
على ضعفه و قصور ذرعه عن البلوغ إلى تلك المراتب السامية و أنّى للأعراج العروج
إلى قلل شامخة، فقال: استفهام تحقيرى و تقريعى (ألا تربع- إلخ)،
استفهام على سبيل الاسترحام أو الاستحقار و التقريع، و قد عرفت أنّ الظلع هو العرج
و الغمز، و هل للظالع أن يحمل حملا ثقيلا؟ أى ألا ترفق بنفسك أيّها الظالع حتّى
لا تحمل عليها ما لا تطيقه؟ و ألا تعرف قصور ذرعك و عدم قدرتك
و استطاعتك عن البلوغ إلى درجة السابقين؟ و ألا تتأخّر حيث أخّرك قدر اللّه و تضع
نفسك حيث وضعها اللّه؟.