و قد أقبل على الفاضل الشارح المعتزلي
هذا السئوال أيضا و أورده على النقيب أبي جعفر فأجابه بما لا يخلو ذكره من فائدة
قال: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن زيد فقلت: أرى هذا الجواب منطبقا على كتاب
معاوية الذي بعثه مع أبي مسلم الخولانى إلى عليّ 7 فإن كان هذا هو
الجواب فالجواب الّذي ذكره أرباب السيرة و أورده نصر بن مزاحم في كتاب صفّين إذا
غير صحيح، و إن كان ذلك الجواب فهذا الجواب إذن غير صحيح و لا ثابت؟.
قال: فقال
لي: بل كلاهما ثابت مروى و كلاهما كلام أمير المؤمنين 7 و ألفاظه، ثمّ
أمرنى أن أكتب ما يمليه علىّ فكتبته قال: كان معاوية يتسقط عليا و ينعى عليه ما
عساه يذكره من حال أبي بكر و عمر و أنّهما غصباه حقّه و لا يزال يكيده بالكتاب
يكتبه و الرسالة يبعثها يطلب غرّته لينفث بما في صدره من حال أبي بكر و عمر إمّا
مكاتبة أو مراسلة فيجعل ذلك حجّة عليه عند أهل الشام و يضيفه إلى ما قرّره في
أنفسهم من ذنوبه زعم فقد كان غمصه عندهم بأنه قتل عثمان أو مالأ على قتله، و أنّه
قتل طلحة و الزبير، و أسر عائشة، و أراق دماء أهل البصرة و بقيت خصلة واحدة و هو
أن يثبت عندهم أنّه يتبرأ من أبي بكر و عمر و ينسبهما إلى الظلم و مخالفة الرسول
في أمر الخلافة و أنهما وثبا عليه غلبة و غصباه إيّاها فكانت هذه الطامة الكبرى
ليست مقصرة على فساد أهل الشام عليه بل و أهل العراق الّذين هم جنده و بطانته و
أنصاره لأنّهم كانوا يعتقدون إمامة الشيخين إلّا القليل الشاذّ من خواصّ الشيعة.
فلمّا كتب
ذلك الكتب مع أبي مسلم الخولانى قصد أن يغضب عليا و يحرجه و يحوجه إذا قرأ ذكر أبا
بكر و أنه أفضل المسلمين إلى أن يرهن خطه في الجواب بكلمة تقتضى طعنا في أبي بكر
فكان الجواب مجمحا غير بيّن فيه تصريح بالتظليم لهما و لا التصريح ببراءتهما و
تارة يترّحم عليهما و تارة يقول أخذ حقّى و قد تركته لهما فأشار عمرو بن العاص على
معاوية أن يكتب كتابا ثانيا مناسبا للكتاب الأوّل ليستفزا فيه عليا 7 و
يستخفّاه و يحمله الغضب منه أن يكتب كلاما يتعلّقان به