فضحك عمرو و قال: أين أنت يا معاوية من خديعة عليّ؟ و إن شئت أن تكتب
فاكتب.
قال: فكتب
معاوية إلى عليّ 7 كتابا مع رجل من أهل السّكاسك يقال له عبد اللّه بن
عقبة: أمّا بعد فانّك لو علمت أنّ الحرب تبلغ بنا و بك ما بلغت و علمناه نحن لم
يجنها بعضنا على بعض و إن كنّا قد غلبنا على عقولنا فقد بقى منها ما نرم به ما مضى
و نصلح ما بقى، و قد كنت سألتك الشام على أن لا تلزمني لك طاعة و لا بيعة فأبيت
ذلك فأعطانى اللّه ما منعت و أنا أدعوك إلى ما دعوتك إليه أمس فإنّك لا ترجو من
البقاء إلّا ما أرجوه و لا تخاف من الفناء إلّا ما أخاف، و قد و اللّه رقّت
الأكباد و ذهب الرّجال، و نحن بنو عبد مناف و ليس لبعضنا على بعض فضل يستذلّ به
عزيز و لا يسترقّ به ذليل. و السلام.
قال سليم:
فلمّا قرأ عليّ 7 كتابه ضحك و قال: العجب من معاوية و خديعته لي فدعا
كاتبه عبيد اللّه بن أبي رافع فقال له: اكتب: أمّا بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه
أنّك لو علمت أنّ الحرب تبلغ بنا و بك إلى ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض، و إنّا
و إيّاك يا معاوية على غاية منها لم نبلغها بعد، و أمّا طلبك الشام فانّي لم أعطك
اليوم ما منعتك أمس، و أمّا استواؤنا في الخوف و الرّجاء فانّك لست بأمضى على
الشّك مني على اليقين و ليس أهل الشام أحرص على الدّنيا من أهل العراق على الاخرة،
و أمّا قولك: إنّا بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض فكذلك نحن و لكن ليس اميّة
كهاشم، و لا حرب كعبد المطّلب، و لا أبو سفيان كأبي طالب، و لا الطليق كالمهاجر، و
لا المنافق كالمؤمن، و لا المبطل كالمحق، في أيدينا فضل النبوّة الّتي ملكنا بها
العرب، و استعبدنا بها العجم و السّلام.
و كتاب
معاوية على نسخة المسعودي: «و إنّا و إن كنّا قد غلبنا على عقولنا فقد بقى لنا ما
نردّ به ما مضى» «على أن لا تلزمني لك طاعة و أنا أدعوك اليوم» «و ذهبت الرّجال»
«و يسترقّ به حرّ، و السّلام» و سائر العبارات يطابق نسخة سليم.