اكتب: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و قل في كلّ يوم من رجب صباحا و
مساء و في أعقاب صلواتك في يومك و ليلتك: «يا من أرجوه لكلّ خير، و آمن سخطه عند
كلّ شرّ، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله
و من لم يعرفه تحنّنا منه و رحمة أعطني بمسألتي إيّاك جميع خير الدّنيا و جميع خير
الاخرة، و اصرف عنّي بمسألتي إيّاك جميع شرّ الدّنيا و شرّ الاخرة فإنّه غير منقوص
ما أعطيت و زدني من فضلك يا كريم» قال: ثمّ مدّ أبو عبد اللّه 7 يده
اليسري فقبض على لحيته و دعا بهذا الدّعاء و هو يلوذ بسبّابته اليمنى ثمّ قال بعد
ذلك: «يا ذا الجلال و الاكرام يا ذا المنّ و الطّول حرّم شيبتى على النّار» و في
حديث آخر ثمّ وضع يده على لحيته و لم يرفعها إلّا و قد امتلى ظهر كفّه دموعا.
انتهى.
فإنّ في
قوله: و هو يلوذ بسبّابته اليمنى إشارة إلى التبتّل و التضرّع و الالتجاء بتحريكها
ففي النهاية الأثيريّة يقال: لاذ به يلوذ إذا التجأ إليه و انضمّ و استغاث. و قال
الطّريحي في المجمع: و قوله: و تلوذ بسبّابتك أي تتضرّع بسبّابتك بتحريكها.
ثمّ إنّ
الجهاد يستلزم المتاعب من نصب السفر، و حمل الأثقال و أوزار الحرب، و سهر اللّيالي
لئلّا يأتي العدوّ من مكان مخافة أو أمن و غيرها ممّا يقبل للمجاهدين على أنحاء
شتّى.
و هو 7 أشار إلى الأوّل بقوله: إليك أفضت القلوب أي إنّ هذه العبادة
الّتي هي أشرف الأعمال خالصة لوجهك الكريم، أو أنّها أفضت إليك بسرّها و إنّما
تشكو بثّها و حزنها إليك و دخلت بفنائك و ساحتك و لا تعبد غيرك و لا تعرف إلّا
إيّاك و لا تقرع إلّا بابك و قدم الظرف للحصر.
و إلى الثاني
بقوله: و مدّت الأعناق و شخصت الأبصار لما دريت من أنّ قوى
البدن جنود للقلب و أنّ البدن يحكي الحالات الطارية عليه فإذا أخلصت القلوب و
انقادت له و طارت و وصلت إليه تمدّ الأعناق تبعا للقلوب اظهارا
للمذلّة