تشبيه قوله
7: (فقد أتتني منك موعظة موصّلة) كأنما شبّه 7 كتابه بثوب موصّل أي مرقّع و المراد أنّها ملفّقة من كلمات مختلفة و جمل
غير مناسبة وصل بعضها ببعض.
أو المراد
أنها موعظة مجموعة ملتقطة من ألفاظ الناس، لا أنّها من منشاته و ممّا تكلّم بها
مرتجلا، و كأنّما المعنى الأوّل أظهر.
قوله 7: (و رسالة محبّرة) أي أتتني منك رسالة أتعبت نفسك في تقريرها و
زيّنت ألفاظها بالتكلّف و التصنّع، لما دريت في بيان اللّغة أنّ المحبّر من يحسّن
الشعر و الخطّ و غيرهما، و بالجملة فيه إشارة لطيفة إلى أنّ الرّجل كان في ميدان
الكلام راجلا لا مرتجلا.
قوله 7: (نمّقتها بضلالك) قد بيّنا في الاعراب أنّ الباء هذه سببيّة، و
المعنى أتتني رسالة زيّنتها و زوّقتها بسبب ضلالك، و سرّ ذلك
أنّ كلّ فعل إذا لم يكن على اعتقاد و حقيقة لا يقع في محلّه على ما ينبغي، و لا
يصدر من الفاعل على ترتيب حسن و نظم متين، لأنّه عمل قسريّ خارج عن سجيّة الطبع
واقع بالتكلّف فلا يرجى منه حسن الوقوع و النضد، نظير ما قاله أبو الحسن عليّ بن
محمّد التهاميّ:
و مكلّف الأيّام ضدّ طباعها
متطلّب في الماء جذوة نار
فإذا لا بدّ
لهذا العامل من أن غير طويّة الطبع أن ينمّق عمله ثانيا و يزيّنه ليقرب من موقع ما
وقع بغير تكلّف.
فنقول: لمّا
كان معاوية عالما بأنّ أمير المؤمنين عليّا 7 كان على بيّنة من ربّه، و
أنّ الحقّ كان معه 7 حيث دار كان كتابه الّذي كتبه إليه 7
على التكلّف و التصنّع لا محالة، فلو لا ضلاله عن الحقّ لما يحتاج كتابه إلى
التنميق لأنّه كان كتابا صادرا بالطبع و لم يكن مضطربا مشوشا حتّى يلوح منه أثر
الكلفة المحتاج إلى التزيين.
قوله 7: (و أمضيتها بسوء رأيك) أي أنفذت تلك الرسالة و بعثتها إليّ
بسبب سوء رأيك بي، و من سوء رأيه به
اختلق عليه 7 بأنه قتل عثمان و أعرض عن