الكوفة
آخر الأمر أنصاره 7 و الكوفة دار هجرته كما أنّ أهل المدينة صاروا أنصار رسول اللّه 6 و المدينة دار هجرته. ثمّ لا يخفى أنّ مثل هذا المقام يقتضي تصدير
الكتاب بالألفاظ الدالّة على التحبيب و تأليف القلوب و الترغيب فيما يراد فصدّره
بالمدح اجتذابا لهم إلى ما يريد من نصرته على الناكثين.
قوله 7: (أمّا بعد فإنّي اخبركم عن أمر عثمان حتّى يكون سمعه كعيانه) قد أثبتنا و
حقّقنا أن النّاس لما رأوا أن عثمان أحدث ما أحدث و فعل ما فعل نقموها منه و طعنوا
عليه و حصروه أربعين ليلة و منعوه من الماء أيّاما للأغراض الّتي قدمناها و علل
بيّناها و شهد قتله ثمانمائة من أصحاب رسول اللّه 6 حتّى قيل
إنّ المجمعين على قتل عثمان كانوا أكثر من المجمعين على بيعته، و أن أمير المؤمنين
عليّا 7 لقد دفع عنه غير مرّة حتّى قال: و اللّه لقد دفعت
عنه حتّى خشيت أن أكون آثما و غير ذلك مما لا حاجة إلى إعادتها و أن طلحة
و الزبير و عائشة فيما صنعوه في عثمان كانت من أوكد أسباب ما تمّ على عثمان من
الخلع و الحصر و سفك دمه و الفساد، و سمعت أقوال الفريقين في طلحة أنّه كان أوّل
من رمي بسهم في دار عثمان و في الزبير ما قال لعثمان و في انكار عايشة عليه و
أنّها كانت أوّل من طعن على عثمان و أطمع النّاس فيه.
و دريت أنّ
طلحة و الزّبير كانا أوّل من بايع أمير المؤمنين 7 إلّا أنّهم لما رأوا
خيبتهم من الامال الدنيويّة و يأسهم من الأغراض الشهوانية و الشيطانية نكثوا
البيعة و استمسكوا بطلب دم عثمان تشبيها و تلبيسا على العامة و المستضعفين و
اتهموا أمير المؤمنين 7 بقتله و عزوا دمه إليه و من نظر فيما قدمنا في
تفسير هذا الكتاب علم أن الناكثين و أضرابهم و أتباعهم قد لعبوا بالدين و أنّما
كان قصدهم التملك للأمر و التأمر على المسلمين. ثمّ لما كانت شبهة قتل عثمان مبدأ
كلّ فتنة نشأت في الإسلام من فتنة الجمل و صفين و نهروان حتّى أنّ بني اميّة
تمسكوا بها في منع الماء من ريحانة رسول اللّه 6 سيّد شباب
أهل الجنّة الإمام الحسين بن عليّ 7 و قتله فأخبر عليّ 7 أهل
الكوفة عن أمر عثمان و الأحوال الّتى جرت عليه مما نقمها النّاس منه و طعنوا
فيه على حدّ ايضاح يكون سمعه