المؤمنين فقد حمى الوطيس و رجعت الشمس من
الكسوف و اشتدّ القتال و اخذت السباع بعضها بعضا فانتم كما قال الشاعر:
مضت و استأخر الفرعاء عنها
و خلّي بينهم إلّا الوزيع
قال يقول
واحد في تلك الحال أى رجل هذا لو كانت له نية فيقول له صاحبه و أىّ نية أعظم من
هذه ثكلتك امّك و هبلتك ان رجلا فيما قد ترى قد سبح في الدماء و ما اضجرته الحرب و
قد غلت هام الكماة من الحرّ و بلغت قلوب الحناجر و هو كما ترى جذعا يقول هذه
المقالة اللّهم لا تبقنا بعد هذا.
أقول: قوله:
يوما من ايام الشعرى طويلا شديد الحرّ. بيانه: ان الشعري اسم لكوكبين إحداهما اكبر
من الاخرى و هى الشعرى اليمانية من كواكب الكلب الاكبر الواقعة عقيب الجبار و لذا
يسمى الكلب الاكبر بكلب الجبّار أيضا كما ان الشعرى اليمانية وحدها قد تسمّى بكلب
الجبار. و هي من كواكب القدر الاوّل و احد كوكبي ذراع الاسد و فم المرزم و انّما
وصف باليماني لان مغيبها يكون إلى جانب اليمن و كواكب الكلب الاكبر ثمانية عشر
كوكبا و الشعرى واقعة في فيها و هذا الكواكب هو الذى قال فيه عزّ من قائل في سورة
النجم الاية 49: وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى و قال المفسّرون
كانوا يعبدونها في الجاهليّة و ان خزاعة كانت تعبدها و أوّل من عبدها أبو كبشة احد
أجداد النبيّ 6 من قبل امهاته و كان المشركون يسمّونه 6 ابن أبي كبشة لمخالفته إياهم في الدين كما خالف أبو كبشة غيره
في عبادة الشعرى فانزل اللَّه تعالى وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى أي خالق الشعرى
و مخترعها و مالكها فلا تتخذوا المربوب المملوك إلها.
أقول: لا
يبعد ان يكون القرآن الكريم ناظرا أيضا إلى عظمة قدرته عزّ و جل بانّه هو ربّ
الشعرى، و ذلك لان الشعرى من اكبر الثوابت المرصودة و في رصد معاصرينا أنّها أعظم
من الشمس 1500 مرة مع أن الشمس أعظم من الأرض بكثير فاخط جنابا تبهرك عجائبه و
يناسب ما ذهبنا اليه اسلوب الاى الاخرى: وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ
أَبْكى وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى وَ أَنَّ عَلَيْهِ