أخبارهم لقد رجعت فيهم أبصار العبر، و
سمعت عنهم آذان العقول، و تكلّموا من غير جهات النّطق، فقالوا: كلحت الوجوه
النّواضر، و خوت الأجساد النّواعم، و لبسنا أهدام البلى، و تكائدنا ضيق المضجع، و
توارثنا الوحشة، و تهكّمت علينا الرّبوع الصّموت، فانمحت محاسن أجسادنا، و تنكّرت
معارف صورنا، و طالت في مساكن الوحشة إقامتنا، و لم نجد من كرب فرجا، و لا من ضيق
متّسعا. فلو مثّلتهم بعقلك، أو كشف عنهم محجوب الغطاء لك، و قد ارتسخت أسماعهم
بالهوامّ فاستكّت، و اكتحلت أبصارهم بالتّراب فخسفت، و تقطّعت الألسنة في أفواههم
بعد ذلاقتها، و همدت القلوب في صدورهم بعد يقظتها، و عاث في كلّ جارحة منهم جديد
بلى سمّجها، و سهّل طرق الافة إليها مستسلمات، فلا أيد تدفع، و لا قلوب تجزع،
لرأيت أشجان قلوب، و أقذاء عيون، لهم من كلّ فظاعة صفة حال لا تنتقل، و غمرة لا
تنجلي.
اللغة
(المباءة)
بالمدّ و الفتح المنزل كالبيأة و الباءة و يقال: إنّ المباءة هو الموضع الّذى تبوء
أى ترجع إليه الابل ثمّ جعل عبارة عن المنزل و قوله (لعيّوا) بتشديد
الياء من عىّ بالأمر و عن حجّته يعيى من باب تعب عيّا عجز عنه، و قد يدغم في
الماضى و يقال عىّ و عليه قوله: لعيّوا، و في شرح المعتزلي و روى لعيوا