كنايه
(و لا يحفلون بالرّواجف) أى لا يجتمعون بالزّلازل و لا يبالون
بها، و لعلّه كناية عن عدم مبالاتهم بالدّواهى الدّنيويّة الموقعة في الاضطراب (و لا يأذنون للقواصف) أى لا يصغون إلى
الأصوات الشديدة الهايلة كصوت الرّعد و الأعاصير و غيرها.
(غيبا لا
ينتظرون) أى لا ينتظر النّاس عودهم (و شهودا لا يحضرون) أى شاهدين
صورة حاضرين بالأبدان غير حاضرين حقيقة لغيابهم بالأرواح (و إنّما كانوا
جميعا فتشتّتوا) و كانوا مجتمعين فتفرّقوا (و الّافا فافترقوا) أى مؤتلفين فافترقوا بالموت كما
قال الشّاعر:
و كنّا باجتماع كالثّريّا
ففرّقنا الزّمان بنات نعش
(و ما عن طول عهدهم) و زمانهم (و) لا (بعد
محلّهم) و مكانهم (عميت) أى خفيت (أخبارهم مجاز و صمّت
ديارهم) إسناد الصّمم إلى الدّيار من التّوسع كما فى قولهم: سال الميزاب و جرى
النّهر.
و المراد أنّ
خفاء أخبارهم عن الأحياء ليس من جهة طول العهد و بعد المكان بين الطرفين، و كذلك
صمم ديارهم أي قبورهم و مزارهم حيث لا تجيب داعيا و لا تكلّم مناديا ليس من جهة
عدم وصول ندائهم و بلوغ أصواتهم إليها ببعد المسافة (و لكنّهم سقوا
كأسا) اليؤس للتفخيم أى كأسا و بيئة فيها سمّ
ناقع شديد المرارة عظيم التّأثير و هي كأس الموت (بدّلتهم بالنطق
خرسا) فلا يستطيعون أن يجيبوا داعيا و لا أن يخبروا عن حالهم و (بالسّمع
صمما) فلا يقدرون أن يستمعوا مناديا و يردّوا جواب كلامه (و
بالحركات سكونا) أى حركات الألسنة و الصماخ و ساير الأعضاء و الجوارح سكونها،
فعجزوا عن التّكلّم و الاصغاء و عن الحركة و السّعى إلى الاحياء و عن ايصال
أحوالهم إليهم.
تشبيه (فكأنّهم
في ارتجال الصّفة صرعى سبات) يعنى إذا وصفهم واصف مرتجلا بلا سبق تأمّل و
رويّة شبّههم بمصروعى سبات أى يقول إنّهم سقطوا في الأرض للنّوم فانّ
النّوم و الموت أخوان و لا شيء أشدّ شباهة من النّائم بالميّت و لا من