. وَ ما أَدْراكَ
مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ فسمّى اللّه سبحانه الأعمال
التي كلّفها العبد عقبات تشبيها بالعقبات و الجبال لما يلحق الانسان فى أدائها من
المشاق كما يلحقه فى صعود العقبات و قطعها.
و قال أمير
المؤمنين 7 انّ أمامكم عقبة كئودا و منازل مهولة لا بدّ من الممرّ بها و الوقوف
عليها، فاما برحمة اللّه نجوتم و إما بهلكة ليس بعدها انجبار.
أراد 7 بالعقبة تخلص الانسان من العقبات التي عليه، و ليس كما ظنّه
الحشوية من أنّ فى الاخرة جبالا و عقبات يحتاج الانسان إلى قطعها ماشيا و راكبا و
ذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء و لا وجه لخلق عقبات تسمّى بالصلاة و
الزكاة و الصيام و الحجّ و غيرها من الفرائض يلزم الانسان أن يصعدها فان كان
مقصّرا في طاعة اللّه حال ذلك بينه و بين صعودها.
إذ كان الغرض
فى القيامة المواقفة على الأعمال و الجزاء عليها بالثواب و العقاب و ذلك غير مفتقر
إلى تسميته عقبات و خلق جبال و تكليف قطع ذلك و تصعيبه و تسهيله مع أنه لم يرد خبر
صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه و تخرج له الوجوه، و إذا لم يثبت بذلك خبر كان
الأمر فيه ما ذكرناه، انتهى كلامه رفع مقامه.
و اعترض عليه
المحدّث العلامة المجلسىّ فى البحار بعد نقله له بقوله: إن تأويل ظواهر الاخبار
بمحض الاستبعاد بعيد عن الرّشاد، و للّه الخيرة في معاقبة العاصين من عباده بأىّ
وجه أراد، و قد مضى الأخبار في ذلك و سيأتى بعضها و اللّه الموفّق للخير و
السّداد، هذا.
و لمّا حذّر
من عقبات الاخرة و مواقفها المهولة المقتضية لأخذ
الزّاد لها، عقّبه بالاشارة إلى قرب الموت المعقّب لهذه الأهاويل و العقبات و كونه
بالرّصد و التّرقّب و الاخترام تنبيها به على وجوب المبادرة بأخذ الزّاد لقرب
الحاجة إليه و على عدم التّوانى و التّسويف فيه بتوهّم بعد زمان الاحتياج فقال:
(و اعلموا
أنّ ملاحظ المنيّة نحوكم دائبة) أى مجدّة يعنى أنّها تنظر اليكم باللّحظ و
الشّرز أى بمؤخّر عينها نظر الغضبان مجدّة فيه قصدا لاخترامكم.