أما المعنى الأوّل فلأنهم قد تظافروا على
رفعها عن محلّها و مقامها الذي كان لها و حطّوها عن مرتبتها المقرّرة و لم يراعوا
فى حقّها ما كان لازما عليهم من التبجيل و الاعظام و التعظيم و الاكرام، بل عاملوا
معها معاملة الرّعية و السوقة حتى ألجئوها إلى الخروج إلى مجامع الرّجال فى أمر
فدك و غيره مثل ساير النسوة البرزة.
و على المعنى
الثاني فيكون إشارة إلى ما صدر عنهم من كسر ضلعها و اسقاط جنينها يوم اخراجه 7 من البيت ملببا للبيعة.
و على الثالث
فيكون إشارة إلى اجتماعهم على نقص حقّها المقرّر لها بقوله تعالى: وَ آتِ
ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ.
و مثله
المعنى الخامس فيكون إشارة إلى غصب فدك.
و أما المعنى
الرّابع فهو أولى بالارادة لشموله جميع مظالمها و ما وقع فى حقّها من الظلم و
الجور، فالى اللّه المشتكى من سوء عمل الامة و شنيع فعلهم بالعترة و ما أدرى
ما ذا يقولون إذ قال النبيّ لهم
ما ذا فعلتم و أنتم آخر الامم
بعترتى و بأهلى بعد مفتقدي
منهم اسارى و منهم ضرّجوا بدم
ما كان هذا جزائى اذ نصحت لكم
أن تخلفونى بسوء فى ذوى رحم
(فاحفها السّؤال) أى بالغ في سؤالها و
استقص في مسألتها (و استخبرها الحال) أى حالها و حالى بعد ارتحالك و افتقادك.
(هذا) أى تظافر الامّة على الهضم كائن (و) الحال انّه (لم يطل
العهد) أى عهدهم بك أو ما عاهدتهم عليه من المودّة في القربى و المواظبة
بالثّقلين (و لم يخل منك الذّكر) أى لم يرتفع ذكرك الجميل عن أفواههم.
و محصّله انه
لم يطل المدّة من موتك حتى ينسوا وصاياك المتأكدة في حقّ العترة أو يغفلوا من
صنايعك العظيمة في حقّهم فيقابلوها بهذا الكفران العظيم.
و لما أراد
الوداع ختم كلامه بالسلام كما بدء به جريا على مجارى عادة