يشاركهم أهل الدّنيا في آخرتهم، أباحهم
اللّه الدّنيا ما كفاهم و أغناهم قال اللّه عزّ و جلّ
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الاية سكنوا الدّنيا بأفضل
ما سكنت، و أكلوها بأفضل ما اكلت، شاركوا أهل الدّنيا في دنياهم فأكلوا معهم من
طيّبات ما يأكلون، و شربوا من طيّبات ما يشربون، و لبسوا من أفضل ما يلبسون، و
سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوّجوا من أفضل ما يتزوّجون، و ركبوا من أفضل ما
يركبون، و أصابوا لذّة الدّنيا مع أهل الدّنيا، و هم غدا جيران اللّه يتمنّون عليه
فيعطيهم ما يتمنّون، لا تردّ لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من اللذة، فالى هذا يا
عباد اللّه يشتاق إليه من كان له عقل، هذا.
و قوله 7 (أنت أهون على اللّه من ذلك) يعنى أنّ أفعال
اللّه سبحانه و أحكامه ليست كأفعال خلقه و أحكامهم، فربّما يعطى الواحد منّا مالا
لاخر مع عدم طيب نفسه به بل على كره منه له أو يأذن له أن يسكن في منزله باقتضاء
مصلحة لاحظها فيه من مداراة معه و نحوها مع كراهة له باطنا و أمّا اللّه القادر
القاهر العزيز ذوا السلطان فأجلّ و أعلى من أن يكون ما أعطاه و أحلّه لعباده من
باب المصانعة و المجاملة، لأنّهم أهون عنده تعالى من ذلك، و أىّ ملاحظة للخالق من
مخلوقه الذّليل، و مداهنة للقاهر من مقهوره الضّعيف المقيّد بقيد الرّقية و
العبوديّة.
(قال يا
أمير المؤمنين هذا أنت) إمامنا و قد و تنا حال كونك (في خشونة ملبسك) حيث قنعت من
اللّباس بطمريه[1] (و جشوبة
مأكلك) حيث اقتصرت من الطعام بقرصيه فينبغي لنا أن نتأسّي و نأتمّ بك و نحذ
و حذوك.
(قال 7 ويحك) كلمة رحمة قالها شفقة و عطوفة (إنّى لست كأنت) يعنى أنّ
تكليفى الشرعي غير تكليفك، و أشار إلى وجه المغايرة بقوله:
(إن اللّه
تعالى فرض على أئمّة الحقّ أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس) أى يضيّقوا على أنفسهم في المعاش
بضيق الفقراء و الضعفاء أو يقيسوا أنفسهم بهؤلاء و يكونوا
شبيها بهم