الباء في
قوله: بأدهى زايدة في الخبر جيء بها لتأكيد معني النّفي كما في قوله تعالى وَ مَا
اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ^ و قوله: بالشديدة، صفة محذوفة الموصوف أى
بالدّواهى الشديدة و نحو ذلك.
المعنى
اعلم أنّ
الغرض من هذا الكلام دفع توهّم من كان معتقدا أنّ معاوية أجود رأيا و
أكثر تدبيرا منه، و تعرّض به على معاوية من أجل عدم تحرّزه في تدبير الامور عن
الغدر و الفجور، و صدّر الكلام بالقسم البارّ تأكيدا للمقصود فقال:
(و اللّه
ما معاوية بأدهى منّي) أي ليس بأجود رأيا و أحسن تدبيرا و أبعد غورا و أعمق فكرا
و أشدّ دهاء منّي، و إن فسّر الدّهاء بخصوص استعمال العقل و الرّأى فيما لا ينبغي
فعله من الامور الدّنيويّة المعبّر عنه بالنّكراء فلا بدّ من جعل قوله 7 أدهى بمعنى أعرف بطرق الدّهاء و أبصر بها، لعدم اتّصافه
بالدّهاء بهذا المعنى فضلا عن كونه أدهى.
(و لكنّه
يغدر و يفجر) أى يستعمل الغدر في اموره السيّاسيّة فيزعم أهل الجهل أنّه أدهى.
و قوله: و يفجر، إشارة إلى
نتيجة الغدر يعني أنّه من أجل إقدامه على الغدر يكون فاجرا، و ذلك لأنّ الغدر
مقابل الوفاء، و الوفاء فضيلة داخلة تحت العفّة، فيكون الغدر رذيلة داخلة تحت
الفجور.
و أيضا الوفاء
توأم الصّدق و الغدر توأم الكذب حسبما عرفت تفصيلا في الخطبة الحادية و
الأربعين و شرحها، و الكذب من أعظم الفجور.
و ايضاح هذه
الفقرة ما تقدّم في الخطبة المذكورة حيث قال 7 هناك:
و لقد
أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن
الحيلة، ما لهم قاتلهم اللّه قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة و دونه