و آخرتهم، و رحمة للمؤمنين أى نعمة لهم،
و إنّما خصّهم بذلك لأنّهم المنتفعون به، انتهى.
فقد تحصّل من
ذلك أنّه شفاء لا يخاف أن يعقب سقما، لأنّ الكمالات النفسانية الحاصلة من قراءته و
تفكّره و تدبّر آياته تصير ملكات راسخة لا تتبدّل بأضدادها و لا تتغيّر.
(و) التاسعة
كونه (عزا لا تهزم أنصاره) أى لا تغلب و لا تقهر.
(و) العاشرة
كونه (حقّا لا تخذل أعوانه) و المراد بأعوانه و أنصاره هم المسلمون
العارفون بحقّه العاملون بأحكامه و عدم هزمهم و خذلانهم نصّ قوله تعالى لَنْ
يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.
قال في مجمع
البيان فيه أقوال:
أحدها أنّ
المراد لن يجعل اللّه لليهود على المؤمنين نصرا و لا ظهورا.
و قيل: لن
يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا بالحجّة و إن جاز أن يغلبوهم بالقوّة، لكن
المؤمنين منصورون بالدّلالة و الحجّة.
و قيل: لن
يجعل لهم في الاخرة عليهم سبيلا لأنّه مذكور عقيب قوله فَاللَّهُ
يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بيّن اللّه سبحانه أنّه إن يثبت لهم
سبيل على المؤمنين في الدّنيا بالقتل و القهر و النهب و الاسر و غير ذلك من وجوه
الغلبة فلن يجعل لهم يوم القيامة عليهم سبيلا.
و الحادية
عشر ما أشار إليه بقوله (فهو معدن الايمان و بحبوحته).
أمّا أنّه معدن
الايمان، فلأنّ المعدن عبارة عن منبت الجوهر من ذهب و فضّة و نحوهما، و لمّا
كان الايمان باللّه و رسوله جوهرا نفيسا لا جوهر أنفس منه
و لا أغلى عند ذوى العقول، و كان يستفاد من القرآن و يستخرج منه جعله معدنا له.
و أمّا أنّه بحبوحته و وسطه
فلأنّ الايمان بجميع أجزائه و شرايطه و مراسمه يدور عليه،
فهو بمنزلة القطب و المركز لدائرة الايمان كما هو ظاهر.