و لولاه 7 لما تمّ لرسول
اللّه 6 التبليغ و الأداء و لا استدام له العمر و
البقاء و لظفر به الحسدة و الأعداء فلما أصبحوا و عرفوا تفرّقوا عنه و انصرفوا و
قد ضلّت لهم الحيل و انقطع بهم الأمل و انتقض ما بنوه من التدبير و خابت لهم
الظنون.
و كان بذلك
انتظام الايمان و إرغام الشيطان و خذلان أهل الكفر و العدوان، و هذه منقبة لم
يشركه 7 فيها أحد من أهل الاسلام و قد انزل فيه محكم التبيان و هو قول
اللّه وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ
اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ و أما مواساته له 6 في مواطن جهاده، و مواطن جدّه و اجتهاده، و مقامات جداله بالسنة الاسنة
و جلاده، فهو فوق حدّ الاحصاء، متجاوز عن حدّ العدوّ الاستقصاء.
منها غزوة
بدر التي هدّت قوى الشرك، و قذفت طواغيته في قليب الهلك، و دوّخت مردة الكفار، و
سقتهم كاسات الدّمار و البوار، و نقلتهم من القليب إلى النار.
فيومها اليوم
الذى لم يأت الدّهر بمثله، و أفاض اللّه فيه من أحسن فضله، أنزل فيه الملائكة لتأييد
رسوله تفضيلا له على جميع رسله، و حباه من علوّ القدر ما لم ينله أحد من قبله، و
أشرب صناديد قريش كاس أسره و قتله، و جبرئيل ينادى أقدم حيزوم لاظهار دينه على
الدّين كلّه، و أمير المؤمنين كان فارس تلك الملحمة فما تعدّ الأسد الغضاب بشسع
نعله، و مسعّر تلك الحرب العوان ينصب على الأعداء انصباب السحاب و وبله، و نار
سطوته و نجدته تتسعّر تسعر النار في دقيق الغضا و جزله.
و قد عرفت في
شرح الفصل الثامن من الخطبة المأة و الحادية و التسعين أنّ نصف القتلي في تلك
الوقعة و كانوا سبعين رجلا كان قتيله باشر بنفسه قتله من دون شركة غيره له.
و منها غزوة
أحد قال في كشف الغمّة في حديث عمران بن حصين قال:
لمّا تفرّق
النّاس عن رسول اللّه 6 جاء عليّ 7 متقلّدا
بسيفه حتّى