استعاره مكنية- استعاره تخييلية (كأنّكم تريدون أن تكفؤا الاسلام على وجهه)
بأنّهم يريدون أن يكبّوا و يقلبوا الاسلام على وجهه، تشبيها له بالاناء المقلوب على وجهه فكما أنّه بعد قلبه لا يبقي
فيه شيء أصلا و يخرج ما كان فيه من حيّز الانتفاع، فكذلك الاسلام الّذى لم يراع
حدوده و احكامه كأنّه لم يبق منه شيء ينتفع به، و هو من الاستعارة المكنيّة و ذكر
الكفاء تخييل.
و قوله (انتهاكا
لحريمه) أراد به أنّ فعلكم ذلك كاشف عن كون غرضكم منه الانتهاك كالكفّار و
المنافقين و أعادى الدّين الذين لا غرض لهم إلّا إبطال الاسلام و هتك حريمه (و
نقضا لميثاقه) و هى حدوده و شرايطه المقرّرة و وظايفه المأخوذة فيه (الذى
وضعه اللّه لكم حرما في أرضه) لمنعه الاخذين به و المواظبين له من الرّفث و
الفسوق و الجدال.
(و أمنا
بين خلقه) أى سبب أمن أى أمانا لهم من شرّ الأعداء و من تعدّى كلّ منهم إلى
الاخر.
و المراد
بنقضهم ميثاقه تركهم لوظايفه المقرّرة، و قطعهم لما أمر اللّه به أن
يوصل، و سعيهم في إثارة الفتنة و الفساد و القتل و القتال، قال سبحانه الَّذِينَ
يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ
اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ
الْخاسِرُونَ.
قال
الطبرسيّ: الذين ينقضون عهد اللّه، أى يهدمونه أى لا يفون به، و عهد اللّه وصيّته
إلى خلقه على لسان رسوله بما أمرهم به من طاعته و نهيهم عنه من معصيته و نقضهم
لذلك تركهم العمل به من بعد ميثاقه قال في الصّافي: أى تغليظه و أحكامه و يقطعون
ما أمر اللّه به أن يوصل قال الطبرسيّ: معناه امروا بصلة النبيّ و المؤمنين
فقطعوهم، و قيل: امروا بصلة الرّحم و القرابة فقطعوها و قيل: امروا بأن يصلوا
القول بالعمل ففرّقوا بينهما بأن قالوا و لم يعملوا و قيل: معناه الأمر بوصل